بعد القفزات القياسية التي حققها الذهب مؤخرًا، أعادت البنوك الاستثمارية الكبرى النظر في توقعاتها بشأن مستقبل المعدن النفيس. إذ يشهد السوق العالمي موجة تفاؤل واسعة حول استمرار الصعود التاريخي للذهب، في ظل اضطراب السياسات المالية وتزايد الطلب على الأصول الامنة.
توقعات جديدة من “غولدمان ساكس” و“بنك أوف أمريكا”
رفع بنك “غولدمان ساكس” توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 4900 دولار للأونصة، فيما ذهب “بنك أوف أمريكا” أبعد من ذلك، متوقعًا أن يصل السعر إلى 5000 دولار. ويعكس ذلك حالة من الثقة المتزايدة في استمرار الزخم الصعودي، خاصة بعد المكاسب الضخمة التي سجلها خلال العامين الماضيين. وفقاً لما ذكرته “العربية”.
قفزات تاريخية منذ بداية العام
سجل الذهب تجاوزًا لحاجز 4000 دولار للأونصة في 8 أكتوبر، وواصل بعد ذلك ارتفاعه ليتخطى مستوى 4100 دولار. وبذلك يكون قد ارتفع بنحو 52% منذ بداية 2025. وبنسبة 95% مقارنة ببدايات 2024. هذه الوتيرة السريعة جعلت الذهب أحد أبرز الأصول الرابحة في الأسواق العالمية.
أسباب الصعود.. سياسات مالية غير تقليدية في واشنطن
أوضح “بنك أوف أمريكا” في تقريره أن الارتفاع القوي مدفوع بما وصفه بـ “السياسات المالية غير التقليدية” التي تنتهجها الولايات المتحدة. مثل تفاقم العجز المالي وزيادة الدين العام وخطط تقليص العجز في الحساب الجاري. كما أشار التقرير إلى أن الاتجاه نحو خفض أسعار الفائدة رغم استمرار التضخم يدفع المستثمرين إلى زيادة حيازاتهم من الذهب كملاذ آمن ضد التقلبات.
وبحسب البنك، فإن هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى ارتفاع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 14% إضافية في عام 2026. وهو ما يبرر التوقعات الجديدة ببلوغه 5000 دولار للأونصة.
احتمال تصحيح مؤقت دون المساس بالاتجاه الصاعد
ورغم أن البنوك تتوقع استمرار الارتفاع، إلا أنها تحذر من تصحيح محتمل في الأسعار على المدى القصير نتيجة عمليات جني الأرباح. غير أن الاتجاه العام يبقى إيجابيًا في ضوء الاضطرابات الجيوسياسية والتراجع في الثقة بالعملات الورقية. ما يعزز موقع الذهب كأداة استثمارية امنة.
الفضة تلحق بالموجة الصعودية
رفع “بنك أوف أمريكا” توقعاته لسعر الفضة إلى 65 دولارًا للأونصة بحلول 2026. متوقعًا زيادة في الطلب الصناعي والاستثماري على المعادن الثمينة عمومًا.
توقعات أكثر جرأة من خبراء التعدين
وفي تصريح لشبكة “بلومبرغ”، قال راندي سمولوود، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات التعدين الكبرى: “توقعات بنك أوف أمريكا منطقية تمامًا، بل ربما نكون في بداية دورة صعود طويلة. لا أستبعد أن نرى الذهب عند 10 آلاف دولار قبل نهاية العقد”.
وبينما يستمر القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع الديون السيادية، يبدو أن الذهب يثبت مجددًا مكانته كملاذ آمن لا ينافسه أحد، في رحلة صعود قد تعيد رسم خريطة الأسواق خلال السنوات المقبلة.