خاص| الدكتور حسام عيسى.. من كلية الطب إلى قلوب الطلاب عبر الـ”سوشيال ميديا”

في خضم التحديات التي يواجهها الشباب اليوم، من ضغوط الدراسة والبحث عن الذات، يبرز نموذجٌ يحتذى به يجمع بين العلم، الشغف، والتأثير الإيجابي. إنه الدكتور حسام عيسى أنور، ابن محافظة القليوبية، مركز شبين القناطر، الذي يبلغ من العمر 23 عامًا، ويستعد لإنهاء رحلته الدراسية في كلية الطب بجامعة عين شمس خلال الأشهر الأربعة القادمة. حسام ليس مجرد طالب طب متفوق، بل هو صانع محتوى مؤثر ومعلم ناجح، استطاع أن يخلق توازنًا فريدًا بين مساره الأكاديمي وطموحاته في مساعدة الآخرين.

حسام عيسى

حسام عيسى: من طالب ثانوية إلى نجم سوشيال ميديا ملهم

بدأ حسام رحلته على منصات التواصل الاجتماعي في فبراير 2023، ليس سعيًا وراء الشهرة أو المجد، بل مدفوعًا برغبة صادقة في تقديم دعم نفسي وتعليمي حقيقي لطلاب الثانوية العامة. كانت فكرته بسيطة لكنها عميقة: أن يشارك تجربته الشخصية كطالب مر بهذه المرحلة الصعبة، ليقدم يد العون والنصيحة لمن يعيشونها الآن. كان هدفه بناء جسر من الثقة والتفهم بينه وبين الطلاب، مستفيدًا من تجربته الخاصة لتكون مرجعًا لهم في رحلتهم التعليمية والنفسية.

يعدّ حسام نموذجًا حيًا لكيفية تحقيق التوازن بين الأهداف المتعددة. يقول الدكتور حسام: “أحرص على تنظيم وقتي وفقًا لأولويات كل فترة. في بداية كل فصل دراسي أركز على صناعة المحتوى، بينما أخصص وقت الامتحانات بالكامل للتحصيل والمذاكرة”. هذه المعادلة الذهبية بين العمل الأكاديمي الشاق وصناعة المحتوى الهادف منحته توازنًا مميزًا، جعله حاضرًا بقوة على السوشيال ميديا دون أن يؤثر ذلك سلبًا على مسيرته الطبية. لقد أثبت أن الشغف يمكن أن يتعايش مع الانضباط، وأن النجاح في مجال لا يعني التخلي عن الآخر.

محتوى هادف من قلب التجربة

يؤكد الدكتور حسام أن النجاح في صناعة المحتوى لا يأتي من فراغ. فكل فيديو يقدمه يحمل قيمة حقيقية؛ إذا كانت نصيحة، فهي مستمدة من تجاربه الشخصية التي عايشها وعبر عنها بصدق. وإذا كان محتوى تعليميًا، فهو خلاصة ما درسه وتعلمه في الطب، مقدمًا إياه بأسلوب مبسط وشيق يلامس احتياجات الطلاب. الأهم في رأيه هو أن يكون المحتوى هادفًا، يحمل قيمة حقيقية، ويترك أثرًا إيجابيًا في عقول وقلوب المتابعين. ويضيف: “الطلاب يستقبلون هذا النوع من المحتوى بكل حب، وهذا ما يدفعني للاستمرار”. هذا التفاعل الإيجابي هو الوقود الذي يدفعه للمضي قدمًا، مؤمنًا بأن رسالته تصل وتؤتي ثمارها.

يتعامل الدكتور حسام مع منصات التواصل الاجتماعي بوعي شديد ونضج كبير. يقول: “أحاول تقديم المعلومة بأسلوب يتماشى مع الثقافة المعاصرة، لكن في الوقت نفسه أخشى تقلبات هذه المنصات”. هذا الوعي يجعله حذرًا من الانسياق وراء الشهرة الزائفة أو الآراء السلبية. يدرك حسام أن “لا يجتمع البشر على شخص، حتى الأنبياء كان عليهم خلاف من قومهم، فكيف بشخص عادي مثلي؟”. هذا الإدراك عمق وعيه بتأثير الآراء السلبية، خاصة وأنه واجه سخرية واستهزاء في بداياته. لكنه صمد، واعتبر تلك التجارب حافزًا لا عائقًا، مما يدل على قوته النفسية وإيمانه الراسخ برسالته. هو لا يضع قدوة دنيوية أمامه، بل يرى في رسول الله صلى الله عليه وسلم النموذج الأعلى، ويحاول بناء شخصية متفردة خاصة به، مستقلة في تفكيرها وأسلوبها.

حسام عيسى

ما وراء الشاشات: قصة تدريس ملهمة للدكتور حسام عيسى

لم يتوقف تأثير الدكتور حسام عند حدود السوشيال ميديا، بل امتد إلى ميدان التدريس. بدأ حسام التدريس قبل عامين. مدفوعًا بشغفه الكبير في توصيل المعلومة وتبسيطها للطلاب. كانت بدايته مع مجموعة من الطلاب في المراجعات النهائية. بينما وعدهم بتغطية المنهج من الصفر في ثلاثة أشهر، ونجح في ذلك بجدارة. من هنا، انطلقت رحلته مع دفعات جديدة عامًا بعد عام، ليصبح معلمًا محبوبًا وموثوقًا به. يجمع بين المعرفة العميقة والقدرة على تبسيط المعلومة بطريقة جذابة.

يختتم الدكتور حسام حديثه بكلمات تلامس القلب وتلخص فلسفته في الحياة: “لا يوجد شعور أجمل من أن تترك أثرًا طيبًا في قلوب الناس. يتذكروك به سواء كنت حيًا أو ميتًا”. هذه المقولة تلخص جوهر شخصيته، حيث يركز على العطاء وترك بصمة إيجابية في حياة من حوله. مؤمنًا بأن هذا هو الإرث الحقيقي الذي يبقى.