في عام 2022، قرر المستثمر الملائكي كارليس رينا اتخاذ واحد من أكثر قراراته جرأة، حين استثمر في شركة ناشئة تعمل في الذكاء الاصطناعي الصوتي بعد لقاء لم يتجاوز 30 دقيقة مع أحد مؤسسيها. واليوم، وبعد مرور أقل من ثلاث سنوات، وصلت قيمة الشركة السوقية إلى 6.6 مليار دولار.
رينا التقى ماتي ستانيسزوسكي، الذي كان يعمل في شركة بالانتير تكنولوجيز، وأدرك سريعاً أنه أمام فرصة استثنائية. وقال في مقابلة مع شبكة CNBC: “تحدثنا نصف ساعة فقط، ثم سألته مباشرة: كم تحتاج من المال؟”
ولادة ElevenLabs
الشركة التي قرر رينا الاستثمار فيها هي “ElevenLabs”، المتخصصة في تحويل النصوص إلى كلام واستنساخ الأصوات البشرية. أسسها ستانيسزوسكي بالشراكة مع بيوتر دابكوفسكي، وجمعت 180 مليون دولار في جولة التمويل الثالثة، لتصل قيمتها إلى 3.3 مليار دولار.
وفي سبتمبر الماضي، فتحت الشركة باب بيع الأسهم للموظفين على أساس تقييم بلغ 6.6 مليار دولار.
في بداياتها، لم يكن لدى الشركة منتج فعلي، كما لم يكن مجال الذكاء الاصطناعي الصوتي يلقى اهتماماً كبيراً من المستثمرين، خاصة مع وجود منافسين كبار مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت، الذين لم ينجحوا في تحويل تقنياتهم الصوتية إلى مشاريع تجارية واسعة الانتشار.
الرهان على ما لا يراه الآخرون
نفذ رينا خلال السنوات الثماني الماضية أكثر من 70 استثماراً ملائكياً في شركات مثل Revolut وElroy Air وSpeckle. ويؤمن بأن أفضل الفرص هي تلك التي يبتعد عنها الآخرون.
وقال: “أحب الدخول في الصناعات التي لا يراها أحد، قبل أن تصبح محط اهتمام الجميع.” وأضاف: “استثمرت في الذكاء الاصطناعي قبل أن يصبح موضة، وفي الروبوتات قبل أن تثير حماس السوق.”
المعادلة: مؤسس ذكي أهم من المنتج
يركز رينا على الشركات في مرحلة ما قبل التأسيس، أي حين تكون الفكرة مجرد بذرة. بالنسبة له، ما يهم هو ذكاء المؤسس وقدرته التقنية، وليس وجود منتج نهائي.
ويقول: “المنتج ميزة إضافية، لكنه ليس شرطاً. أبحث عن مؤسسين لديهم طموح عالمي وفهم عميق للتقنية من اليوم الأول.”
وهذا ما وجده في ستانيسزوسكي، خريج جامعة إمبريال كوليدج بلندن بتقدير امتياز في الرياضيات، والذي كان بحسب وصفه “يفكر في مشكلات السوق بأكمله، حتى قبل أن يبني منتجه الأول.”
من مستثمر إلى قائد داخل اشركة
اليوم، يشغل رينا منصب نائب رئيس الإيرادات في ElevenLabs، التي توسع نشاطها عالمياً من خلال مكاتب جديدة في باريس وسنغافورة والبرازيل والمكسيك. كما تستعد الشركة لطرح أسهمها للاكتتاب العام خلال السنوات الخمس المقبلة.
دروس من تجربة استثمارية غير تقليدية
تجربة كارليس رينا تؤكد أن الحدس والرؤية المستقبلية يمكن أن يتفوقا على الأرقام والتحليلات في عالم ريادة الأعمال.
فما كان ينظر إليه قبل سنوات على أنه رهان محفوف بالمخاطر، أصبح اليوم نموذجاً يدرس في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي الصوتي، أحد أكثر قطاعات التقنية نمواً في العالم.