على امتداد السواحل الجنوبية للبحر الأحمر في السعودية، تقف أشجار المانجروف في جازان كأنها حارسة البحر. تتوشح بالخضرة، وتغزل بين الجذر والموج حكاية حياة لا تنتهي. فهي ليست مجرد أشجار ضاربة الجذور في الماء المالح، بل ثروة طبيعية تمثل رئةً خضراء ودرعاً واقية وملاذاً آمناً لمخلوقات البحر والطيور.
حماية طبيعية
تعمل غابات المانجروف كخط دفاع طبيعي يحمي شواطئ جازان من التعرية وزحف الأمواج، وتمنح الساحل استقراره والبحر توازنه. ويؤكد خبراء البيئة أن هذه الأشجار قادرة على امتصاص كميات من الكربون تفوق ما تمتصه الغابات البرية بأضعاف، ما يجعلها جنديًا صامتًا في معركة العالم ضد التغير المناخي.
دورة حياة متجددة
في أحضان المانجروف تبدأ دورة حياة جديدة. هنا تفقس بيوض الأسماك والقشريات، وتجد السلاحف الصغيرة مأمنها، فيما تحط الطيور المهاجرة لترتاح من عناء السفر الطويل. لذلك تُعد هذه الغابات مأوىً ومزرعة طبيعية تدعم الثروة السمكية وتنعش سبل العيش للصيادين المحليين.
إرث بيئي وسياحي
لا تقتصر قيمة المانجروف على بعدها البيئي فحسب، بل تمثل أيضًا إرثًا طبيعيًا ووجهة سياحية يقصدها الزوار. من خلال جولات القوارب الخشبية يمكن اكتشاف أسرارها، بينما يشكل مشهد الغروب وهو ينساب بين فروعها لوحة طبيعية تأسر العيون وتضفي لجازان سحرًا خاصًا يجعلها من أجمل المناطق الساحلية في المملكة.
جهود وطنية للحفاظ على أشجار المانجروف
وتواصل السعودية جهودها ضمن مبادرات “السعودية الخضراء” لإعادة تأهيل هذه الغابات وزراعة المزيد من أشجار المانجروف. مبادرات تعكس التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة، لتبقى جازان خضراء بالبحر والبر والإنسان، شاهدة على انسجام الطبيعة مع المستقبل.