“أوكسفورد إيكونوميكس”: الرسوم الجمركية الأميركية قد تتحول إلى عبء اقتصادي عالمي

منذ فبراير الماضي، رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الواردات بشكل غير مسبوق، لتقفز من 2.5% إلى أكثر من 10%، مع توقعات ببلوغها 15% قريبًا. وبرغم هذه الزيادة الكبيرة، فإن الاقتصاد الأمريكي والعالمي لم يظهر عليهما أثر سلبي مباشر في البداية، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي نموًا تجاوز 3% في الربع الثاني، فيما بلغ النمو العالمي 2.9% في النصف الأول من 2025، وفق ما نقلته العربية Business عن تقرير “أوكسفورد إيكونوميكس”.

مكاسب مؤقتة للاقتصاد الأمريكي

أشارت البيانات إلى أن الأسواق المالية استعادت عافيتها بسرعة، حيث ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 7% منذ بداية العام. كما صعدت الأسهم العالمية خارج أمريكا بنسبة 13% بالعملات المحلية. ويرى مؤيدو هذه السياسات أن الأرقام تعكس نجاح الإدارة الأمريكية في تحقيق مكاسب تجارية. خاصة مع إبرام اتفاقيات رفعت الرسوم على الشركاء وخفضت الحواجز أمام السلع الأميركية.

“أوكسفورد إيكونوميكس” حذرت من أن هذا الزخم

لكن “أوكسفورد إيكونوميكس” حذرت من أن هذا الزخم غير مستدام. فالاعتماد الكبير على طفرة قطاع التكنولوجيا يخفي ضعفًا في استهلاك المستهلكين المحليين وتباطؤ سوق العمل. وتشير التوقعات إلى أن النمو الأمريكي سيتراجع إلى ما بين 1.2% و1.3% في النصف الثاني من 2025، بينما سينخفض النمو العالمي إلى 1.5%.

قنوات التأثير السلبي

التقرير أوضح أن الرسوم الجمركية المرتفعة بدأت تؤثر سلبًا على الاستثمار والأعمال. حيث زادت حالة عدم اليقين في السياسات الاقتصادية. كما شهد الدولار تراجعًا بدلاً من أن يقوى. ما يضع ضغوطًا على الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الحماية المفرطة تقلل المنافسة وتضعف الإنتاجية، وهو ما قد يضر بالاقتصاد الأميركي على المدى الطويل. واستشهد التقرير بتجربة بريطانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، حين أدت الحمائية إلى تراجع الإنتاجية والنمو.

هل تنقذ التكنولوجيا الموقف؟

يرى التقرير أن الذكاء الاصطناعي قد يعوض جزئيًا الاثار السلبية للرسوم، لكنه يبقى عاملًا غير مؤكد من حيث الحجم والتوقيت. ويحذر خبراء من أن أي تراجع في ثقة المستثمرين بقطاع التكنولوجيا قد يؤدي إلى تصحيح حاد في أسواق الأسهم، كما حدث في أزمة 2001-2002.

شركاء التجارة يلوحون بالرد

حتى الان، ردود الفعل من الشركاء التجاريين على التصعيد الأميركي بقيت محدودة، باستثناء الصين وكندا. لكن التقرير يرى أن هذا الهدوء قد لا يستمر طويلًا، إذ يمكن أن تلجأ الدول المتضررة إلى فرض رسوم مضادة أو تبني سياسات صناعية لحماية صادراتها. وتشير بيانات حديثة إلى أن الصادرات الأميركية بدأت بالفعل في التراجع مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى.

مخاطر على الاقتصاد العالمي

خلص التقرير إلى أن استمرار النهج الأمريكي في فرض الرسوم قد يقود إلى موجة من الحمائية العالمية، وهو ما سيكون عبئًا إضافيًا على الاقتصادات الناشئة المعتمدة على الانفتاح التجاري. ورغم أن الولايات المتحدة قد تتجنب ركودًا عميقًا، إلا أن النمو دون 2% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة قد يمثل خسارة استراتيجية، حتى لو كان الأداء أفضل من اقتصادات مجموعة السبع الأخرى.