الأربعاء, سبتمبر 17, 2025
الرئيسية » “إسرائيل الكبرى” حلم يتجدد.. التوسع الإسرائيلي يثير قلق المنطقة

“إسرائيل الكبرى” حلم يتجدد.. التوسع الإسرائيلي يثير قلق المنطقة

"إسرائيل الكبرى" حلم يتجدد.. التوسع الإسرائيلي يثير قلق المنطقة

أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأخيرة حول ما يعرف بـ “إسرائيل الكبرى” الجدل القديم إلى الواجهة، مثيرةً موجة واسعة من الانتقادات السياسية والتحذيرات من تداعياتها على مستقبل الشرق الأوسط. فقد وصف نتنياهو مهمته بأنها “تاريخية وروحية” وعبّر عن ارتباطه الشديد بهذه الرؤية، التي يزعم مؤيدوها بأنها تتجاوز حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة لتشمل أجزاءً من دول عربية مجاورة. وتأتي هذه التصريحات في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، تتهمها العديد من الأوساط السياسية والدولية بمحاولة فرض “حقائق على الأرض” تهدف إلى جعل إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمراً مستحيلاً.

 

حدود إسرائيل الكبرى

حدود إسرائيل الكبرى

ما هي “إسرائيل الكبرى”؟

يعدّ مصطلح “إسرائيل الكبرى” أو “أرض الميعاد” مفهوماً تاريخياً ودينياً وسياسياً، يعود إلى نصوص دينية في التوراة، ويدّعي مؤيدوه أنها تشير إلى أرض وعد بها الله إبراهيم ونسله. هذا المفهوم تطور إلى مشروع سياسي يتبناه اليمين الإسرائيلي المتشدد، ويهدف إلى إقامة دولة يهودية تتوسع عبر أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط، وتتجاوز حدود إسرائيل الحالية. وفقاً للمفهوم الذي يروّج له اليمين الإسرائيلي، فإن “إسرائيل الكبرى” تشمل فلسطين التاريخية كاملةً من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، بالإضافة إلى أجزاء من دول عربية مجاورة.

حيث يرى المتطرفون أن حدود “إسرائيل الكبرى” يجب أن تمتد لتشمل أجزاء من سوريا بما فيها دمشق، ومناطق من جنوب لبنان، ومناطق من الأردن، ومناطق من العراق، ومناطق من سيناء في مصر، وأجزاء من شمال غرب المملكة العربية السعودية. تستند هذه الرؤية التوسعية على تفسيرات دينية وسياسية، يرى فيها اليمين الإسرائيلي المتطرف “تحقيقاً للحلم الصهيوني من النيل إلى الفرات”. ويشير هذا المشروع إلى أن الدولة اليهودية يجب أن تتوسع كتناسخ مفترض لما يصفه “الكتاب المقدس” بأنه أراضي القبائل الإسرائيلية القديمة والمملكة الإسرائيلية. هذه الأيديولوجية ليست مجرد فكرة نظرية، بل هي الأساس الذي تستند إليه سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية، ورفض حل الدولتين، ومحاولة السيطرة على المزيد من الأراضي.

 

تصريحات مثيرة للجدل.. واليمين المتطرف يضغط

أعاد نتنياهو إشعال الجدل عندما قال في مقابلة مع قناة “i24” الإسرائيلية إنه يؤمن بـ “الرؤية”. التي وصفها المذيع بـ “خريطة أرض الميعاد” والتي تحمل اسم “أورشليم” (القدس). هذه التصريحات لم تكن معزولة، بل تزامنت مع ضغوط متواصلة من قبل شركائه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف. وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. بينما استغل كل من سموتريتش وبن غفير تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة حماس. للضغط على نتنياهو لتبني سياسات أكثر تشدداً، فقد طالبوا بوقف أي تفاوض. وفرض سيطرة كاملة ومطلقة على قطاع غزة، وتشجيع هجرة سكانه.

وفي تصريحات له، زعم بن غفير أن “السيادة وتشجيع الهجرة والاستيطان هو ما نحتاج إلى فعله في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أيضاً”. مما يكشف عن أيديولوجية توسعية لا تقتصر على غزة، بل تشمل الضفة الغربية بأكملها. كما دعا سموتريتش إلى “تنفيذ خطة الفصل الإنساني لإخضاع حماس وإطلاق الرهائن من دون شروط أو تدمير غزة بالكامل”. في حين تؤكد هذه الدعوات على أن الهدف ليس فقط هزيمة حماس، بل تغيير التركيبة الديموغرافية لقطاع غزة وإعادة احتلاله. وأعرب سموتريتش عن تأييده لاقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر. وقال إنه يعمل على تحويل هذه الفكرة إلى سياسة قابلة للتنفيذ. من جانبه، وصف بن غفير “الهجرة الطوعية” من غزة بأنها “الحل الوحيد” للصراع.

 

رفض عربي ودولي قاطع

قوبلت هذه الدعوات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة برفض قاطع من الدول العربية المعنية. وعلى رأسها مصر والأردن، اللتان تستضيفان بالفعل ملايين الفلسطينيين. كما شددت الدول العربية على رفضها الكامل لأي محاولة لنقل الفلسطينيين من أراضيهم، واعتبرت ذلك جريمة حرب تضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية. وأكدت أن هذا الطرح لا يحل الصراع، بل يؤدي إلى تفاقمه وزعزعة استقرار المنطقة بالكامل. وترفض الدول العربية فكرة التوطين أو نقل الفلسطينيين من أراضيهم. بينما تؤكد على أن حل الصراع يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

 

تداعيات خطيرة على المنطقة

تعتبر هذه التصريحات خطيرة للغاية، وتلقي بظلالها على مستقبل منطقة الشرق الأوسط. فالتوجه الإسرائيلي نحو التوسع وضم الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى التهديدات بضم أجزاء من الدول العربية المجاورة. يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، ويقوّض أي جهود سلام في المنطقة. يؤدي هذا النهج إلى تلاشي حل الدولتين، فكلما زادت سياسات الاستيطان الإسرائيلية. وتوسعت مشاريع “إسرائيل الكبرى”، أصبح من المستحيل إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة جغرافياً. كما أنه يزيد من التوتر الإقليمي. بينما تهدد هذه السياسات بزيادة التوتر مع الدول العربية، وخاصة الأردن ومصر، وتزيد من احتمالية اندلاع صراعات مسلحة جديدة. علاوة على ذلك، فإن دعوات التهجير القسري لسكان غزة تهدف إلى التطهير العرقي، وتفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة أصلاً في القطاع.

إن حلم “إسرائيل الكبرى” هو حلم توسعي يرفضه المجتمع الدولي والدول العربية. لأنه يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ويقضي على أي فرصة للسلام. ومع وجود حكومة إسرائيلية يقودها اليمين المتطرف، فإن المنطقة قد تكون على موعد. مع مرحلة جديدة من الصراعات، التي لا يمكن التكهن بعواقبها.

NightlyNews24 موقع إخباري عربي يقدم أخبار السياسة، الاقتصاد، والرياضة بتغطية يومية دقيقة وتحليلات موجزة لمتابعة الأحداث الراهنة بأسلوب مهني وموضوعي.

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية وكن أول من يتابع آخر الأخبار والتحديثات الحصرية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!

آخر الأخبار

@2021 – جميع الحقوق محفوظة NightlyNews24