في خطوة تسجل كعلامة فارقة في مسيرة البحث والابتكار الطبي بالمملكة، أعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية عن موافقتها على بدء أول دراسة سريرية لعلاج جيني محلي الصنع باستخدام تقنية الخلايا التائية المعدلة وراثيا (CAR T-Cells) لاستهداف مرضى ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد (ALL) الذين تعرضوا لانتكاسة أو لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية.
إنجاز وطني صنع في بيئة بحثية سعودية
العلاج الجديد تم تطويره وإنتاجه محليا داخل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض. عبر وحدة تصنيع متقدمة تعمل بنظام نقل مغلق يضمن أعلى مستويات السلامة. ويؤكد هذا الإنجاز على نجاح التكامل بين الجهات البحثية والتنظيمية في المملكة. وعلى توجه السعودية لتعزيز قدراتها الذاتية في مجال تصنيع وتطوير العلاجات المتقدمة.
رؤية 2030.. نحو مركز إقليمي للابتكار الطبي
الموافقة على هذه الدراسة تأتي ضمن أهداف برنامج تحول القطاع الصحي، أحد برامج رؤية السعودية 2030. الذي يهدف إلى جعل المملكة مركزا رائدا في البحث والتطوير والابتكار الصحي. كما تبرز هذه الخطوة التزام الدولة باستقطاب أحدث الابتكارات العلمية ودعم الأبحاث التي تستهدف علاج الأمراض المستعصية. بما يواكب التطورات العالمية في الطب الحيوي.
آلية العلاج: إعادة برمجة جهاز المناعة لمواجهة الورم
يعتمد العلاج الجيني الجديد على تعديل الخلايا التائية (T-Cells) الخاصة بالمريض خارج الجسم من خلال برمجتها لتصبح قادرة على التعرف على الخلايا السرطانية الحاملة لبروتين CD19، ثم إعادة حقنها للمريض عن طريق الوريد.
بهذه الطريقة، يتحول جهاز المناعة نفسه إلى أداة فعالة لمحاربة الورم، مما يرفع من احتمالية السيطرة على المرض حتى بعد فشل الطرق العلاجية التقليدية.
مرحلة أولى تركز على السلامة
تركز المرحلة الحالية من الدراسة على تقييم أمان العلاج وسلامة استخدامه على المرضى البالغين من 18 إلى 60 عامًا، إذ تعد هذه الخطوة أساسية قبل الانتقال إلى مراحل أوسع تشمل تقييم فعاليته ومقارنة نتائجه بالطرق العلاجية الأخرى.
ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد.. أخطر أورام الدم
يعد مرض ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد (ALL) من أخطر أنواع سرطانات الدم، نظرًا لسرعة نموه وانتشاره داخل الجسم. حيث يصيب الخلايا اللمفاوية البيضاء ويدفع نخاع العظم لإنتاج أعداد هائلة من الخلايا غير الناضجة، مما يؤدي إلى تزاحم الخلايا السليمة وإضعاف قدرة الجسم على مقاومة العدوى ونقل الأكسجين وإيقاف النزيف.
تعاون بحثي متكامل
يشرف على تطوير هذا العلاج فريق علمي متخصص من مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، بالتعاون مع شركة لينتجن/مليتوني، وذلك ضمن وحدة تصنيع محلية متطورة. ويعد هذا التعاون نموذجا ناجحا للشراكة بين القطاع البحثي والصناعي في خدمة المرضى داخل المملكة.
خطوة تفتح آفاقا جديدة
يمثل إطلاق هذه الدراسة السريرية بداية عهد جديد في العلاج الجيني للأورام بالمملكة، حيث لم يعد الابتكار محصورا في استيراد تقنيات من الخارج، بل باتت السعودية لاعبا فاعلا في تطوير وتصنيع العلاجات المتقدمة، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث والتجارب التي قد تغير مستقبل علاج السرطان في المنطقة.