سجل الاقتصاد التونسي نمواً لافتاً خلال الربع الثاني من العام الجاري، إذ بلغ معدل النمو 3.2% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. ويُعد هذا المؤشر إيجابياً يعكس استمرار تعافي القطاعات الإنتاجية والخدمية بعد سنوات من التباطؤ والتحديات الاقتصادية. وعلى أساس المقارنة الفصلية. ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8% مقارنة بالربع الأول من 2025. ووفق هذه المعطيات. بلغ معدل النمو خلال النصف الأول من العام نحو 2.4%، وهو ما يشير إلى أن الاقتصاد يسير في اتجاه صاعد ولو بوتيرة معتدلة.
القطاعات الداعمة للنمو
أرجع المعهد الوطني للإحصاء هذه النتائج إلى الأداء الجيد لعدد من القطاعات الحيوية. فقد واصل قطاع الزراعة تعافيه بفضل تحسن الإنتاج الزراعي بعد مواسم متقلبة، إضافة إلى انتعاش قطاع الخدمات الذي يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. كما شهدت بعض الأنشطة الصناعية نمواً ملحوظاً. خاصة في الصناعات المعملية والكهربائية والكيميائية والميكانيكية، وهو ما يعكس قدرة تونس على تنويع مصادر النمو وتعزيز القيمة المضافة من خلال الصناعات التحويلية.
سوق العمل والبطالة
على صعيد آخر، سجلت تونس تراجعاً طفيفاً في معدل البطالة. حيث بلغت النسبة 15.3% خلال الربع الثاني، مقارنة بـ15.7% في الربع الأول. ويعني ذلك انخفاض عدد العاطلين عن العمل بنحو 13 ألف شخص، ليصل العدد الإجمالي إلى 651 ألف عاطل. ورغم بقاء النسبة مرتفعة نسبياً. فإن التراجع الطفيف يعكس تحسناً تدريجياً في سوق العمل. وقد استفاد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً من هذا التحسن، حيث تراجعت البطالة بينهم من 37.7% إلى 36.8%.
تحديات مستمرة في الاقتصاد التونسي
في المقابل، ارتفعت نسبة البطالة بين حاملي الشهادات العليا لتصل إلى 24% مقارنة بـ23.5% في الربع الأول. وهو ما يسلط الضوء على تحدٍ مزمن يواجه الاقتصاد التونسي في استيعاب الخريجين الجدد. ويؤكد الخبراء أن معالجة هذه الأزمة تتطلب سياسات أكثر فاعلية في ربط التعليم العالي باحتياجات سوق العمل وتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الناشئة.
افاق المرحلة المقبلة
يرى محللون أن استمرار تعافي الاقتصاد التونسي خلال النصف الثاني من العام يتوقف على عدة عوامل. أبرزها استقرار المناخ السياسي، وتطبيق إصلاحات اقتصادية هيكلية، وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما يتوقع أن يلعب القطاع السياحي دوراً محورياً في دعم النمو، خاصة مع تحسن المؤشرات خلال الموسم الصيفي. وبينما يشير الأداء الحالي إلى تحسن ملحوظ. فإن الطريق لا يزال طويلاً أمام تونس لتحقيق نمو مستدام وشامل قادر على خفض معدلات البطالة المرتفعة وتخفيف الأعباء الاجتماعية.