الأربعاء, سبتمبر 17, 2025
الرئيسية » الذكاء الاصطناعي.. سلاح إسرائيل السري من الاستهداف إلى المراقبة

الذكاء الاصطناعي.. سلاح إسرائيل السري من الاستهداف إلى المراقبة

الذكاء الاصطناعي.. سلاح إسرائيل السري من الاستهداف إلى المراقبة

تقرير: لبنى وليد – رنا خالد – مايا الشناوي

يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) حجر الزاوية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، حيث مكنها من تحقيق تفوق تكنولوجي غير مسبوق في إدارة العمليات القتالية والاستخباراتية. يتجاوز استخدامه مجرد كونه أداة مساعدة، ليصبح محركًا أساسيًا للتحليل، اتخاذ القرار، وتوجيه الضربات بدقة متناهية. هذا الدمج الشامل للذكاء الاصطناعي يظهر في مختلف الأذرع العسكرية الإسرائيلية، من أنظمة الاستهداف إلى الدفاع الجوي والمراقبة الاستخباراتية.

 

أنظمة الاستهداف وصناعة القرار: تحول جذري في التخطيط للحرب

في قلب هذا التحول، تبرز أنظمة متطورة مثل “لافندر” (Lavender) و “الإنجيل” (The Gospel)، التي صممت خصيصًا لتسريع عملية اتخاذ القرارات القتالية. تعتمد هذه الأنظمة على خوارزميات معقدة لتحليل كميات هائلة من البيانات الاستخباراتية التي يتم جمعها، وتحديد الأهداف المحتملة بدقة فائقة. تتضمن هذه الأهداف مواقع عسكرية، بنى تحتية، وحتى أفراد. بفضل هذه القدرة، أصبح بإمكان الجيش الإسرائيلي تحديد الأهداف وتقديم توصيات للضربات الجوية في وقت قياسي، وهو ما كان يستغرق في الماضي ساعات أو حتى أيامًا. ورغم أن هذه الأنظمة تعمل تحت إشراف بشري، إلا أن سرعة وكفاءة اتخاذ القرار أصبحت تعتمد بشكل كبير على تحليل الذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب منصة “فاير فاكتوري” (Fire Factory) دورًا محوريًا كمركز عصبي لتوزيع المهام. تقوم هذه المنصة بتحليل البيانات الضخمة لتحديد أولويات الأهداف بشكل آلي وتوزيعها على الوحدات العسكرية المناسبة، سواء كانت طائرات حربية أو وحدات برية. هذا الأمر يختصر وقت التخطيط والتنسيق من ساعات طويلة إلى دقائق معدودة، مما يزيد بشكل هائل من سرعة وفعالية العمليات في ساحة المعركة.

 

الاستخبارات والمراقبة عين لا تغفل أبدًا

يعزز الذكاء الاصطناعي قدرات الجيش الإسرائيلي في جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية بشكل لم يسبق له مثيل. تستخدم وحدة 8200، وهي واحدة من أشهر وحدات الاستخبارات الإلكترونية في العالم، تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة وتحليل ملايين البيانات والاتصالات يوميًا. هذه القدرة على تحليل البيانات الضخمة تمكن الوحدة من استخلاص معلومات استخباراتية دقيقة واستباقية، مما يمنح الجيش ميزة استراتيجية في توقع التهديدات واتخاذ إجراءات وقائية.

يمثل مشروع “نيمبوس” (Nimbus) أيضًا محورًا رئيسيًا في هذه القدرات. يُعلن عن هذا المشروع كشراكة مدنية مع شركات عالمية مثل جوجل و أمازون، لكنه أثار مخاوف حقوقية كبيرة بشأن إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية، خاصة في تحليل البيانات الاستخباراتية المتعلقة بالوجود الفلسطيني. تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق لتحليل كميات هائلة من البيانات السحابية، مما يوسع نطاق المراقبة والتحليل الاستخباراتي.

على الصعيد الميداني، تستخدم تقنيات التعرف على الوجوه والمراقبة التنبؤية بشكل مكثف في الضفة الغربية. تساعد هذه التقنيات على تمييز الأشخاص وتتبعهم، مما يثير انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان. حول انتهاك الخصوصية والمراقبة الجماعية، ويخلق حالة من الجدل حول شرعية هذه الممارسات.

 

أنظمة الدفاع الجوي دقة وكفاءة متناهية

كما تعتمد أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية على الذكاء الاصطناعي لتحقيق أعلى مستويات الدقة والكفاءة في حماية أراضيها. فالقبة الحديدية (Iron Dome)، وهي أشهر نظام دفاعي إسرائيلي، تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي. لتحليل مسارات الصواريخ وتحديد أفضل طريقة لاعتراضها في أجزاء من الثانية. هذا يضمن فعالية النظام في التعامل مع التهديدات الجوية المتعددة في آن واحد.

وبالمثل، فإن أنظمة “ديفيد سلينغ” (David’s Sling) و “آرو” (Arrow)، وهما أنظمة دفاعية متطورة. تستخدمان الذكاء الاصطناعي لتنسيق عمليات اعتراض الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى. هذه القدرة على التعامل مع مئات التهديدات بشكل متزامن تعكس كيف أن الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بالتحليل الفردي، بل ينسق منظومات دفاعية كاملة لتعزيز الكفاءة والفعالية.

 

الجدل الأخلاقي والانتقادات الحقوقية

هذا التطور التكنولوجي يرافقه جدل أخلاقي وقانوني متصاعد. الموقف الرسمي الإسرائيلي يؤكد أن جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة تخضع لإشراف بشري، وأن الهدف هو تقليل الأخطاء القتالية.

لكن منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش تحذر من ظاهرة “انحياز الأتمتة” (automation bias). بينما قد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تقليص التدقيق البشري، مما قد ينتج عنه انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. في مارس 2024، كشفت تقارير صحفية عن تطوير أداة استخباراتية إسرائيلية شبيهة بـ ChatGPT. مصممة للإجابة على استفسارات المحللين بناءً على بيانات اتصالات فلسطينية، مما أثار جدلاً واسعًا حول قضايا الخصوصية والاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا.

يمثل الذكاء الاصطناعي اليوم ركيزة أساسية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. لكن هذا التفوق التقني لا يزال يرافقه تساؤلات حاسمة حول المساءلة والآثار الأخلاقية والقانونية، خاصة في سياق الصراع المستمر.

NightlyNews24 موقع إخباري عربي يقدم أخبار السياسة، الاقتصاد، والرياضة بتغطية يومية دقيقة وتحليلات موجزة لمتابعة الأحداث الراهنة بأسلوب مهني وموضوعي.

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية وكن أول من يتابع آخر الأخبار والتحديثات الحصرية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!

آخر الأخبار

@2021 – جميع الحقوق محفوظة NightlyNews24