الثلاثاء, أكتوبر 28, 2025
الرئيسية » الذكاء الاصطناعي من طموح إلى واقع اقتصادي

الذكاء الاصطناعي من طموح إلى واقع اقتصادي

الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

لم يعد الذكاء الاصطناعي في عالم اليوم مجرد طموحٍ يسعى إليه، بل أصبح جزءًا محوريًا من نمو الاقتصادات وتنافسها عالميًا. ويشهد الشرق الأوسط واحدة من أسرع وتائر تبني هذه التقنية في العالم. إذ يشير تقرير «حالة الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط 2025» الصادر عن شركة ديلويت إلى أن أكثر من 80% من المؤسسات تشعر بالضغط لاعتماد حلول الذكاء الاصطناعي. في وقت يتوقع فيه نمو السوق الإقليمي بمعدل سنوي يبلغ نحو 36%.

ويستند التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 150 مسؤولاً تنفيذياً في دول مجلس التعاون الخليجي. شملت قطاعات الأعمال والحكومات ومقدمي الخدمات التقنية، إلى جانب خبراء متخصصين في المجال.

بيئة خصبة للابتكار

شهدت السنوات الأخيرة صعود آلاف الشركات الناشئة المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في قطاع التصنيع الذي استفاد من حلول الأتمتة والتحليل التنبؤي على نطاق واسع. ومع هذا الزخم، يتحول الشرق الأوسط إلى مختبر حقيقي للابتكار، وبيئة اختبار للمهارات التي ستحدد مستقبل العمل والإنتاج في المنطقة.

فجوة المهارات

رغم هذا التفاؤل، تواجه المنطقة تحديًا هيكليًا يتمثل في أن وتيرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي تتسارع أسرع من جاهزية القوى العاملة. فبينما تسعى المؤسسات إلى دمج هذه التقنية لزيادة الكفاءة والتنافسية، تواجه نقصًا حادًا في المواهب المؤهلة.

في حين يحذر الخبراء من أن هذه الفجوة بين تطلعات الأداء وقدرات الكوادر قد تعوق التقدم ما لم يتم توجيه الذكاء الاصطناعي نحو خلق وظائف جديدة مستدامة بدلاً من الاقتصار على أتمتة الوظائف القائمة.

وظائف تمحى وأخرى تولد

بينما يتخوف البعض من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إلغاء وظائف أكثر مما يخلق، لكن الواقع أكثر توازنًا. فبينما تؤتمت المهام الروتينية في المنطقة، تنشأ في المقابل أدوار جديدة في مجالات مثل هندسة الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وأخلاقيات التقنية، والتعاون بين الإنسان والآلة.

كما أنه تظهر أبحاث ديلويت أن العديد من التنفيذيين حول العالم يرون أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرص عمل جديدة أكثر مما يلغيها، بشرط أن تتمكن القوى العاملة من إعادة اكتساب المهارات على نطاق واسع.

سباق المواهب وإعادة التأهيل

في الشرق الأوسط، يتجاوز الطلب على الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي حجم المعروض المتاح بفارق كبير. ولذا، تتجه بعض الشركات إلى الاستثمار في الأكاديميات المحلية، وتوقيع شراكات مع الجامعات، وابتكار برامج لتطوير المهارات الرقمية.

إلا أن هذه الجهود ما زالت متفرقة وغير منسقة، وهو ما يستدعي اعتماد نهج موحد يجعل من تطوير مهارات الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية ترتبط بالحوافز والترقيات ومشاريع الأعمال.

تطبيقات واقعية ومكاسب ملموسة

فيما أثبت الذكاء الاصطناعي فعاليته في مختلف القطاعات:
في التصنيع، أسهمت الصيانة التنبؤية في خفض فترات التعطل بنسبة تصل إلى 40%.

في خدمة العملاء، أتاحت روبوتات المحادثة للعاملين التركيز على الحالات المعقدة.
في قطاع التجزئة، ساعدت النماذج التنبؤية على خفض الهدر وتحسين هوامش الربح.

لكن تحقيق هذه المكاسب على نطاق واسع يتطلب بنية تحتية قوية للبيانات، وحوكمة فعالة، وإدارة تغيير مؤسسية واعية.

فجوة العائد والاستعداد

بينما يشير التقرير إلى أن واحدة من كل ثلاث مؤسسات في المنطقة لا ترى عائدًا ملموسًا من مبادرات الذكاء الاصطناعي لديها. ما يعكس أن بعض المشاريع تنفذ قبل تحقيق الجاهزية الكاملة من حيث البنية والمهارات والاستراتيجية.

نحو استراتيجية إقليمية موحدة

لتحويل الزخم الحالي إلى أثر اقتصادي مستدام، تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى رؤية إقليمية متكاملة تبنى على خمس ركائز رئيسية:
1. مواءمة السياسات والتعليم والقطاعات، من خلال إدماج أساسيات الذكاء الاصطناعي في المناهج ودعم الشراكات الجامعية الصناعية.
2. إعادة تأهيل المهارات باعتبارها أولوية استراتيجية وليست مجرد مبادرة تدريبية مؤقتة.
3. التركيز على حالات استخدام عملية تحقق قيمة فورية في العمليات وسلاسل الإمداد وخدمة العملاء.
4. تعزيز بنية البيانات والحوكمة لضمان الشفافية والثقة.
5. قياس الأثر الحقيقي للذكاء الاصطناعي بناءً على العائدات والإنتاجية ورضا العملاء، وليس على عدد المشاريع المنفذة.

التكنولوجيا والإنسان معًا

نجحت دول الخليج، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. في اتخاذ خطوات متقدمة نحو بناء اقتصادات قائمة على الذكاء الاصطناعي. غير أن التقنية وحدها لا تكفي؛ فالعنصر الحاسم هو الإنسان المؤهل القادر على التكيّف والابتكار.

إن الاستثمار في الكوادر البشرية هو ما سيجعل الذكاء الاصطناعي محركًا للفرص بدلاً من أن يتحول إلى عائق أمامها. وبهذا فقط يمكن للمنطقة أن تكتب فصلها الجديد في اقتصاد المستقبل.

NightlyNews24 موقع إخباري عربي يقدم أخبار السياسة، الاقتصاد، والرياضة بتغطية يومية دقيقة وتحليلات موجزة لمتابعة الأحداث الراهنة بأسلوب مهني وموضوعي.

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية وكن أول من يتابع آخر الأخبار والتحديثات الحصرية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!

آخر الأخبار

@2021 – جميع الحقوق محفوظة NightlyNews24