يشهد السوق العقاري في مصر حالة من الجدل المستمر حول اليات تسعير الوحدات السكنية. فالأسعار تختلف بشكل ملحوظ حتى بين مشروعات تقع في نفس المنطقة. هذا التفاوت الواضح يعكس غياب ضوابط دقيقة تضمن الشفافية وتضع معايير موحدة للتسعير. وفقاً لما ذكرته “العربية”.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أكد مؤخرًا أن السوق العقاري يخضع بشكل أساسي لآليات العرض والطلب، وأن الدولة لا تفرض تسعيرة محددة. لكنه شدد على ضرورة التوافق مع المطورين العقاريين لوضع ضوابط ومعايير تساعد في ضبط الأسعار وتحقيق التوازن بين المطور والمستهلك.
الأرض.. المكون الأغلى في المعادلة
يؤكد خبراء القطاع أن تكلفة الأرض تمثل العنصر الأثقل في حساب أسعار الوحدات. طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، أوضح أن الأرض تشكل ما بين 25 و30% من سعر الوحدة، وقد تصل أحيانًا إلى 50%. هذه النسبة المرتفعة تنعكس بشكل مباشر على المستهلك النهائي.
وأشار إلى أن الآلية التي تعتمدها الدولة في تسعير الأراضي ترتبط بمعدلات التضخم، ما يؤدي إلى ارتفاعات متكررة ويضع ضغوطًا إضافية على المطورين والمشترين.

مصر
خريطة التكاليف بين الإنشاءات والبنية التحتية
بحسب محمود جاد، رئيس إدارة البحوث بشركة العربي الإفريقي الدولي لتداول الأوراق المالية، فإن تكلفة تطوير الوحدة تتوزع كالتالي: الأراضي تستحوذ على 35 إلى 45%، البنية التحتية تمثل 8 إلى 12%، أما تكاليف الإنشاءات فتصل إلى 40 – 60% من التكلفة النهائية.
غياب المؤشر الرسمي وتأثيره على السوق في مصر
مطورون عقاريون يرون أن غياب مؤشر رسمي لتسعير الأراضي يمثل أحد أبرز التحديات. أيمن عامر، المدير العام لشركة “سوديك”، قال إن السوق يعاني من ارتباك نتيجة عدم وجود آلية واضحة تحدد أسعار الأراضي. هذا الغياب يجعل عملية ضبط الأسعار النهائية للمستهلك شبه مستحيلة.
مطالب بتدخل منظم لتحديد الأسعار
ضياء الدين فرج، رئيس مجلس إدارة “هوم تاون للتطوير العقاري”، اعتبر أن تثبيت أسعار الأراضي بشكل مدروس هو المدخل الصحيح للحد من المضاربات، وضمان طرح مشروعات بأسعار عادلة تتناسب مع مختلف الشرائح. وأكد أن معالجة ملف الأراضي بات ضرورة ملحة لاستقرار السوق العقاري.
التكلفة المباشرة والتمويل البنكي
الخبير العقاري الدكتور أحمد أنيس أوضح أن عملية التسعير تقوم على عنصرين أساسيين: سعر الأرض وتكاليف الإنشاء، يضاف إليهما هامش الربح. أما في حالة البيع بالأقساط طويلة الأجل، فيتم احتساب تكلفة التمويل كعنصر إضافي.
وأشار إلى أن تكلفة التمويل قد تصل إلى 33% من السعر النهائي، وهو رقم مرتفع جدًا. وأكد أن النسبة المثالية يجب ألا تتجاوز 15% حتى لا يثقل كاهل المشتري بأسعار غير عادلة.
عوامل تسويقية وخدمات مضافة
بحسب تامر الفقي، رئيس القطاع التجاري بشركة “إيفوري للاستثمار”، فإن المطورين يعتمدون على دراسة الأسعار المنافسة، مع الأخذ في الاعتبار تكاليف البناء والأراضي. لكن الفوارق بين الشركات تظهر بشكل أكبر في القيمة التسويقية، مثل قوة العلامة التجارية أو مستوى الخدمات المقدمة.
وأشار إلى أن بعض الشركات ترفع الأسعار بسبب طبيعة المجتمع المستهدف، أو اعتمادها على تسليم الوحدات بمستويات تشطيب وخدمات مختلفة، وهو ما يزيد من التفاوت بين الأسعار النهائية.

مصر
الحاجة إلى قواعد أكثر شفافية
الأزمة الحقيقية في السوق العقاري لا تتعلق فقط بارتفاع الأسعار، بل بغياب آلية واضحة تنظم عملية التسعير. وجود مؤشر رسمي أو قواعد ضابطة سيحد من المضاربات، ويمنح السوق استقرارًا أكبر، مع الحفاظ على مصالح المطورين والمستهلكين في الوقت نفسه.