أصدرت الصين اليوم الاثنين بيانات اقتصادية قوية بشكل غير متوقع للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام الماضي، وذلك بعد يوم واحد فقط من تأمين الرئيس شي جين بينغ لولاية ثالثة تاريخية في السلطة، مما أثار ردود فعل متباينة في الأسواق العالمية.
أعلن المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني نما بنسبة 3.9% في الربع الثالث، متجاوزًا توقعات استطلاع أجرته رويترز للاقتصاديين التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4%. يمثل هذا انتعاشًا ملحوظًا من الزيادة البالغة 0.4% فقط في الربع الثاني، والذي تأثر بشكل كبير بعمليات الإغلاق الواسعة لمكافحة فيروس كوفيد-19 في شنغهاي، المركز المالي والتجاري العالمي.
قلق المستثمرين يتجاهل الأرقام الإيجابية
على الرغم من هذه الأرقام الإيجابية، شعر المستثمرون الأجانب بالرعب وتخلوا عن الأسهم الصينية في الأسواق الخارجية. يعود هذا القلق إلى مخاوف من أن قبضة شي جين بينغ القوية على السلطة، بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الذي شهد تعيين فريق قيادي جديد من الموالين، ستؤدي إلى تصعيد سياسات بكين الحالية، وتؤثر بشكل أكبر على الاقتصاد الهش بالفعل.
وكان صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي قد تأجل لمدة أسبوع دون تفسير، حيث كان من المقرر إعلانها في 18 أكتوبر، بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الحزبي الذي استمر من 16 إلى 22 أكتوبر.
قيادة جديدة ومخاوف اقتصادية
شهدت القيادة الجديدة غياب عدد من المسؤولين الاقتصاديين الرئيسيين المعروفين بدعمهم لإصلاحات السوق وفتح الاقتصاد، مثل رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، ونائب رئيس مجلس الدولة ليو خه، ومحافظ البنك المركزي يي جانج. وقد أثار هذا الغياب مخاوف بشأن مستقبل القطاع الخاص في الصين.
ردود فعل الأسواق: تراجعات حادة في هونغ كونغ واليوان
عكست الأسواق هذه المخاوف بشكل واضح. انخفض مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ يوم الاثنين، مسجلاً أكبر خسائره منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، ويعتبر هذا المؤشر مقياسًا رئيسيًا لمعنويات المستثمرين الأجانب تجاه الصين. كما تراجع مؤشر Hang Seng Tech بأكثر من 8%، وانخفضت أسهم عمالقة مثل علي بابا وتينسنت بنسبة 10.5% و9% على التوالي.
وشهدت العملة الصينية تراجعًا حادًا مقابل الدولار، حيث انخفض اليوان الخارجي إلى 7.269 للدولار، واليوان المحلي إلى 7.252 للدولار.
توقعات قاتمة واستمرار ضغوط “صفر كوفيد” و”الرخاء المشترك”
علق كبير الاقتصاديين الصينيين في كابيتال إيكونوميكس، جوليان إيفانز بريتشارد، في تقرير بحثي قائلاً: “التوقعات لا تزال قاتمة”. وأضاف أنه “لا يوجد احتمال بأن تلغي الصين السياسة التي انتهجتها “صفر كوفيد” في المستقبل القريب، ولا نتوقع أي ارتياح ذي مغزى قبل عام 2024″.
وأشار بريتشارد إلى أن ضعف الاقتصاد العالمي والركود المستمر في العقارات الصينية، بالإضافة إلى سياسات “صفر كوفيد”، ستستمر في الضغط على الاقتصاد الصيني. وتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الرسمي للصين بنسبة 2.5% فقط هذا العام و3.5% في عام 2023.
كما أشار كين تشيونغ، كبير محللي الفوركس الآسيوي في بنك ميزوهو، إلى أن “التعديل الوزاري أخاف المستثمرين الأجانب ودفعهم إلى التخلي عن استثماراتهم الصينية، مما أدى إلى عمليات بيع مكثفة”. وأضاف أن المستثمرين قلقون بشأن تصعيد سياسات مثل “صفر كوفيد” والتوتر بين الصين والولايات المتحدة.
ويرى ميتول كوتيشا، رئيس استراتيجية الأسواق الناشئة في TD Securities، أن رحيل المسؤولين المؤيدين للإصلاح واستبدالهم بحلفاء شي يشير إلى أن حملة “الرخاء المشترك” ستكون الدافع المهيمن. هذه الحملة، التي أطلقها شي في أغسطس الماضي لإعادة توزيع الثروة وتضييق الفجوة، تضمنت حملة قمع شاملة على الشركات الخاصة في البلاد، مما أثر على كل صناعة تقريبًا.
في المقابل، شهد مؤشر شنغهاي المركب المحلي تراجعًا بنسبة 1.3%، ومؤشر شنتشن المركب للتكنولوجيا الثقيلة بنسبة 1.9%. بينما قلصت الأسواق اليابانية والكورية مكاسبها المبكرة.