كشف تقرير التضخم للربع الأول من عام 2025، الصادر عن البنك المركزي السعودي، عن صورة متباينة للتضخم، إذ يتجه التضخم العالمي نحو التباطؤ، بينما تشهد الأسعار المحلية ارتفاعات مدفوعة بالطلب المتزايد وبعض العوامل الخاصة.
تباطؤ التضخم العالمي رغم التوترات
تشير توقعات صندوق النقد الدولي، الصادرة في أبريل 2025، إلى استمرار تباطؤ التضخم العالمي ليصل إلى 4.3% عام 2025، مقارنة بـ 5.7% عام 2024.
يأتي هذا التباطؤ المرتقب على الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية والتغيرات في السياسات التجارية الدولية.
شهد متوسط سعر خام برنت انخفاضًا بنسبة 9.0% في الربع الأول من عام 2025، مسجلًا 75.6 دولار للبرميل مقارنة بالربع المماثل من العام السابق.
وفي المقابل، ارتفع المؤشر العالمي لأسعار الأغذية (FAO) بنسبة 6.9% على أساس سنوي خلال نفس الفترة، وهو ما يعكس اضطرابات سلاسل الإمداد وقيود التصدير من الدول المنتجة، وتأثيرها في تكلفة المواد الغذائية.
في سياق السياسة النقدية العالمية، حافظ مجلس الاحتياطي الفدرالي على سعر الفائدة دون تغيير عند 4.25% – 4.50%. بعد ثلاثة تخفيضات متتالية خلال عام 2024.
التضخم لدى الشركاء التجاريين للمملكة
أظهرت بيانات التضخم لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة اتجاهات متباينة، ففي الصين سجل معدل التضخم استقرارًا في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، مع انخفاض ربعي بنسبة 0.1%، مدفوعًا بضعف الطلب المحلي وتأثير التوترات التجارية وتراجع أسعار المنتجين.
بينما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية، ارتفاعًا سنويًا في معدل التضخم بنسبة 2.7% الربع الأول من عام 2025، وارتفاعًا ربعيًا بنسبة 1.0%. وسجل معدل التضخم بالهند ارتفاعًا سنويًا بنسبة 3.7%، بينما انخفض ربعيًا بنسبة 1.8%.
ارتفاع ملحوظ في بعض القطاعات
سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك في المملكة ارتفاعًا بنسبة 2.1% خلال الربع الأول من عام 2025. مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، وهو أعلى مستوى له منذ الربع الثالث من عام 2023. ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيس إلى ازدياد الطلب المحلي المرتبط بالنمو السكاني المتسارع في المدن الكبرى.
كان قسم “السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى” هو الأكثر ارتفاعًا بين الأقسام الرئيسة في المؤشر العام للأسعار. بينما سجل نموًا بنسبة 7.4% مقارنة بالربع المقابل من العام السابق. وتلاه قسم “السلع والخدمات المتنوعة” بنسبة 3.7%، ثم “الأغذية والمشروبات” بنسبة 1.3%، و”المطاعم والفنادق” بنسبة 1.0%، وأخيرًا “التعليم” بنسبة 0.7%.
كما سجل الرقم القياسي لأسعار الجملة ارتفاعًا سنويًا بنسبة 1.3% في الربع الأول من عام 2025، في حين ارتفع الرقم القياسي لأسعار العقارات بنسبة 4.3% خلال نفس الفترة.
توقعات لمستقبل التضخم المحلي
كما يتوقع البنك المركزي السعودي، استقرار معدل التضخم في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالربع المماثل من العام السابق.
ويرجع هذا التوازن المتوقع إلى عدة عوامل، منها تباطؤ التضخم العالمي. المدفوع بانخفاض متوقع لمؤشر أسعار السلع العالمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يكون الأثر المحتمل للرسوم الجمركية محدودًا في الربع الثاني. بسبب تعليق الولايات المتحدة الأمريكية للتعريفات الجمركية الجديدة، مدة 90 يومًا لمعظم الدول.
من جهة أخرى، يرى التقرير أن ارتفاع أسعار الإيجارات المدفوعة للسكن ونمو الطلب المحلي بشكل عام. والذي يعكس تحسن مستويات التوظيف بين السعوديين، سيسهمان في التأثير على مسار التضخم.