في ظل تصاعد الوعي بالصحة واللياقة البدنية، شهدت الأسواق إقبالاً متزايدًا على المكملات الغذائية. مدفوعًا بحملات ترويجية مكثفة عبر مواقع التواصل، يرى البعض في هذه المنتجات حلًا سريعًا لتقوية المناعة أو سد النقص الغذائي. لكن هذا الحماس قد يتحول إلى تهديد صحي حقيقي عند تجاهل إشراف المختصين، كما حذر عدد من خبراء التغذية.
أخصائية التغذية صفاء بازرعة أكدت أن المفهوم العلمي للمكمل لا يعني أبدًا الاستغناء عن الغذاء الطبيعي. موضحةً أن بعض الحالات قد تحتاج بالفعل إلى دعم طبي بمكملات بجرعات محسوبة، في حين يُكتفى في حالات أخرى بتعديل النظام الغذائي فقط.
المكملات الغذائية
اثار جانبية قد تتطلب دخول الطوارئ
المكملات، حين تستخدم دون استشارة، قد تتحول إلى مصدر خطر. بازرعة حذرت من أعراض خطيرة كارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الجهاز الهضمي، وصعوبة التنفس، والدوخة، والاضطراب في نبض القلب. بعض هذه الأعراض قد تستدعي نقل الشخص إلى قسم الطوارئ على الفور.
كما أشارت إلى التداخلات الخطرة بين بعض المكملات والأدوية أو الأعشاب، مما قد يؤثر على امتصاصها أو يؤدي إلى تعطيل فعاليتها.
فئات تحتاج لمزيد من الحذر
التحذيرات لا تشمل الجميع بنفس الدرجة. فالأطفال، والحوامل، والمرضى المزمنون، ومن يتناولون أدوية حساسة مثل مميعات الدم، جميعهم يحتاجون إشرافًا طبيًا دقيقًا قبل استخدام أي نوع من المكملات.
الإعلانات المضللة.. فخ يحذر منه الخبراء
وحول الجانب التسويقي، شددت بازرعة على ضرورة تجنب الإعلانات غير الموثوقة التي تروج لمكملات التنحيف أو التحكم في الشهية. مشيرةً إلى أن هذه الدعاية تستغل رغبات الناس لحلول سريعة، لكنها قد تُحدث آثارًا عكسية، خاصة أن ما يناسب شخصًا ما قد يكون مضرًا لاخر.
فيتامينات قد تتحول إلى سموم
بدورها، أوضحت أخصائية التغذية العلاجية الدكتورة أمل كنانة أن بعض الفيتامينات مثل A وD وE وK تخزَّن في الجسم، وتناولها بكميات مفرطة يؤدي إلى “تسمم فيتاميني”. مشيرةً إلى أن المكملات يجب أن تُصرف بوصفة طبية فقط، بعد التأكد من حاجة الجسم لها.
وأضافت أن المكملات الزائدة قد ترهق الكلى وتسبب قصورًا في وظائفها، خاصة إذا أخذت بلا فحوص أو جرعات محددة. ونبهت إلى أن المكملات الموصوفة للأطفال يجب أن تعطى فقط عند وجود نقص مؤكد.
المكملات الغذائية
تحذير من الاستخدام العشوائي قبل التحاليل
من جانبها، أكدت استشارية التغذية رويدة الإدريس أن الطبيب المختص هو الجهة الوحيدة القادرة على تحديد المكمل المناسب، وذلك بعد إجراء تحاليل دقيقة. مضيفة أن بعض الأعراض الشائعة مثل تساقط الشعر أو الهالات السوداء، قد تدل على نقص غذائي، لكن لا يمكن معالجة ذلك دون إشراف طبي مباشر.
ضرورة الوعي المجتمعي والتثقيف الصحي
أخصائي التغذية حكيم جمعة شدد على أن الالتزام بالجرعات الصحيحة لا يُشكل خطرًا كبيرًا على الأصحاء، لكنه دعا إلى رفع مستوى التوعية، مؤكدًا أهمية أن يكون البائع على دراية كاملة بتركيبة المكمل وطريقة استخدامه.
وأشار إلى أهمية قراءة الملصقات المرفقة بالمنتجات لفهم الجرعات المناسبة وتحذيرات الاستخدام. وذكر حالات محددة تتطلب المكملات مثل فترات الحمل أو نقص فيتامين د، أو بعض الأنشطة الرياضية.
الرقابة وحدها لا تكفي.. الوعي هو الحصن الأول
جمعة أشاد بدور الجهات الرسمية مثل هيئة الغذاء والدواء في مراقبة جودة المنتجات المسموح بها. لكنه شدد على أن وعي الفرد هو الحصن الأول. فالخطر لا يأتي من المنتج وحده، بل من الجهل بطريقة الاستخدام. ودعا إلى تعزيز الحملات التوعوية الرسمية، والاستعانة بمؤثرين موثوقين لرفع الوعي بأسلوب مبسط وفعال. وفي ظل هذا الزخم من المعلومات والترويج، تبرز نصيحة واحدة لا خلاف عليها بين جميع المختصين: لا للمكملات قبل التحاليل، ولا استخدام دون إشراف طبي.