في إحدى السلاسل الشهيرة للمطاعم بالمملكة، أقدم مدير وافد على فصل موظف سعودي من عمله دون مبرر مقنع. ربما كان يظن أن الأمر سيمر كما اعتاد في السابق، لكن المفاجأة أن الحادثة تحولت إلى قضية رأي عام واسعة.
انتشرت القصة بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتشعل موجة غضب شعبي غير مسبوق. تصاعدت الدعوات إلى مقاطعة المطعم، حتى وجدت الإدارة نفسها أمام خطر الانهيار. وتحت هذا الضغط اضطرت الشركة لإعادة الموظف المفصول، بل وأعلنت توظيف 150 شابًا سعوديًا دفعة واحدة في محاولة لتدارك الأزمة.
صورة أوسع من مجرد واقعة
هذه الحادثة لم تكن مجرد واقعة عابرة، بل مثلت مرآة لواقع أكبر يواجهه كثير من الشباب السعودي. فما زالت سلطة الوافد قائمة في بعض الشركات، يتحكم من خلالها في قرارات التوظيف والفصل والترقية. بينما المواطن يقف على الهامش، رغم كل جهود وبرامج التوطين التي جاءت ضمن رؤية المملكة 2030.
الخلل لا يتمثل فقط في الأرقام أو نسب التوطين على الورق، بل في غياب المواطن عن مواقع القرار التي كان من المفترض أن تكون حقه الطبيعي.
وعي المجتمع كسلاح ضاغط
ما أثبتته هذه الأزمة أن المجتمع السعودي لم يعد الحلقة الأضعف. بل أصبح أكثر وعيًا وقدرة على الدفاع عن حقوقه. فقد فرض ضغطه الشعبي من خلال سلاح المقاطعة، وأجبر الشركة على التراجع وإعادة الأمور إلى نصابها. هذه التجربة أكدت أن الرأي العام بات عنصرًا فاعلًا في حماية الموظف السعودي من أي تجاوز أو استغلال.
الدرس الذي يجب أن تتعلمه الشركات
الدرس الأهم الذي خرجت به هذه الواقعة أن التوطين لا يقاس بعدد الأسماء في كشوف الموظفين، ولا بملء وظائف دنيا لا تصنع تأثيرًا حقيقيًا. بل يقاس بوجود الكفاءات الوطنية في قلب دائرة القرار والإدارة.
المواطن يرتبط بمستقبل المؤسسة وبسمعة الوطن، وهذا ما يجعله أكثر التزامًا واستدامة. أما الوافد، مهما بلغت خبرته، فسيبقى مرتبطًا بفرصة مؤقتة، سرعان ما تزول برحيله.
رؤية المملكة وتمكين أبنائها
رؤية المملكة 2030 لا تهدف فقط إلى رفع أعداد السعوديين في سوق العمل، بل إلى تمكينهم من القيادة وصناعة القرار. ولن يتحقق ذلك إلا حين يكون المواطن هو صاحب الكلمة الأولى في إدارة مؤسسات بلده.
القصة التي كادت تطيح بشركة كبرى ليست إلا إنذارًا لبقية الشركات: المواطن لم يعد يتقبل التهميش، والمجتمع أصبح أقوى من أن يدار من الخارج.