تتجاوز سلسلة جبال طويق، ذلك المعلم الجغرافي الشامخ في قلب نجد، كونها مجرد تكوين صخري يمتد لمسافة تزيد عن ثمانمائة كيلومتر. إنها رمز للصمود، ومصدر إلهام لمستقبل المملكة العربية السعودية الطموح، وشاهد على تحولات تاريخية واقتصادية كبرى، وفي قلبها الآن ينبض مشروع “القدية”، أحد أكبر المشاريع الوطنية الواعدة ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
تُعد جبال طويق من أبرز المعالم الجغرافية في الجزيرة العربية، ليس فقط بامتدادها الهائل ولكن بتضاريسها الفريدة. فبينما تنحدر سفوحها الشرقية بشكل تدريجي، يشكل جانبها الغربي انقطاعاً مفاجئاً ومنحدراً حاداً، ما يمنحها تميزاً جغرافياً لافتاً. من هذه السفوح، تنساب عشرات الأودية، أبرزها وادي حنيفة الذي تحتضن ضفافه العاصمة الرياض، لتشكل واحة خضراء تاريخية تُعرف بـ “خضراء اليمامة”. هذه الجبال، بـ “خشومها الشامخة وأطوالها الممتدة ومناكبها العملاقة”، لم تكن مجرد تضاريس طبيعية، بل ألهمت العزيمة وعكست قوة الإرادة.

جبال طويق… صخرة السعودية الصامدة ومصدر إلهام رؤية 2030
“همة طويق”… مقولة خالدة ورؤية ملهمة
من وحي عظمة جبال طويق، استلهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مقولته الشهيرة والملهمة: “همة السعوديين مثل جبل طويق… لن تنكسر”. هذه المقولة، التي تعد أبلغ وصف محفز لرفع المعنويات وسحب همم أجيال المستقبل، جاءت لتربط الإنسان بجذوره التاريخية والجغرافية، وتستلهم القوة من محيطه، كما ترسخ في الأذهان أن العزيمة والإصرار يمكن أن يحطما المستحيل، تماماً كصمود طويق في وجه عوامل التعرية وتحديات الزمن. لقد أصبحت هذه المقولة شعاراً وطنياً يجسد روح التحدي والإصرار التي تدفع عجلة التنمية في المملكة.
القدية… مشروع المستقبل على ضفاف طويق
لم تكن مقولة سمو ولي العهد مجرد كلمات، بل تبعتها خطوات عملية نحو تحقيق رؤية طموحة. فعلى ضفاف جبال طويق، وتحديداً في العام 2018، وضع حجر الأساس لمشروع مدينة القدية. هذا المشروع العملاق، الذي يتربع على منتصف سلسلة جبال طويق ويبعد عن العاصمة الرياض حوالي خمسة وأربعين كيلومترا. يعد واحداً من أبرز المشاريع الوطنية الواعدة التي تستهدف تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
بينما يهدف فريق عمل القدية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تسهم في تنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط. من أبرز هذه الأهداف توظيف الشباب السعودي الطموح، والمساهمة بفاعلية في الناتج المحلي الإجمالي. علاوة على توفير فرص عمل جديدة ومتنوعة في مختلف القطاعات والصناعات على مدار فترة تطوير المشروع. كما من المتوقع أن يكون للقدية دور محوري في قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة والفنون. مما يجعلها وجهة عالمية جاذبة، ومحركاً اقتصادياً قوياً للمملكة.
في حين تمثل جبال طويق أكثر من مجرد معلم جغرافي؛ إنها تجسيد لروح المملكة العربية السعودية الصامدة. ومصدر إلهام للرؤية المستقبلية الطموحة التي تهدف لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار لمواطنيها. وبينما تستمر عجلة التنمية في الدوران، تظل “همة طويق” حاضرة، لتذكر الجميع بأن الطموح السعودي لن ينكسر.