لم يكن أحمد مجدي، الشاب الذي ولد عام 1998 في المملكة العربية السعودية، يتخيل أن يتحول من شاب رافض تمامًا لفكرة السوشيال ميديا، إلى واحد من أبرز صانعي المحتوى الكوميدي في مصر. رحلة بدأت بلا نية أو خطة، لكنها اتخذت شكلًا جديدًا، تشكلت فيه ملامح النجاح من خلال الموهبة، والإصرار، والتجريب.
من السعودية إلى مصر.. بداية الحلم الأكاديمي
قضى أحمد 18 عامًا من عمره في المملكة العربية السعودية، قبل أن ينتقل إلى مصر ليلتحق بكلية طب الأسنان، ويبدأ رحلة دراسية كانت دومًا جزءًا من أحلامه. أنهى دراسته بنجاح، وبدأ عمله في مجاله كطبيب أسنان، لكنه سرعان ما اكتشف شغفه بجوانب أخرى من الحياة، أبرزها التصوير، تنسيق الملابس، وصناعة المحتوى.
أحمد مجدي
“لينجويني”.. التشبيه الذي تحول إلى علامة
بداية الظهور لأحمد كانت مصحوبة بتعليقات متكررة من المتابعين تشبهه بشخصية “لينجويني” الشهيرة من فيلم الفار الطباخ، سواء في ملامحه أو طريقته في الحديث وسرعته في الكلام. لم يكن الأمر مجرد مزحة عابرة، بل تحول تدريجيًا إلى هوية فنية، تبناها أحمد عن وعي، وقال عنها: طالما الناس شايفاني كده، ليه ما أستخدمش ده؟ الناس ساعات ما تفتكرش الأسماء، بس تفتكر الإحساس والانطباع.”
من رفض للسوشيال ميديا.. إلى نجمها الصاعد
كان أحمد لم يكن من المهتمين بالسوشيال ميديا على الإطلاق. لم يكن يملك حسابًا على “إنستجرام” حتى عام 2018، وكان يرى أن منصات التواصل أصبحت مساحة للتفاهة والتكرار. لكن مع جائحة كورونا، تغير كل شيء.
خلال فترات الحظر المنزلي، بدأ يصور فيديوهات بسيطة مع أسرته على سبيل التسلية. المفاجأة كانت في تفاعل الناس، الذين أحبوا تلقائيته وروحه، ما دفعه إلى التفكير: “ليه لأ؟ طالما الناس حبت ده، يمكن أقدر أعمل حاجة بجد.”
في حين كانت البداية الحقيقية من خلال فيديوهات تنسيق الملابس، التي جذبت جمهورًا واسعًا، وسرعان ما وصل عدد متابعيه إلى 30 ألف شخص. لكن الظروف أجبرته على التوقف مؤقتًا، حين انتقل إلى منزل جديد ولم يستطع اصطحاب كل متعلقاته.
حينها قرر أن يغير مسار المحتوى، فبدأ في إنتاج فيديوهات كوميدية قصيرة. المفاجأة كانت أن هذا التحول كان هو مفتاح النجاح الحقيقي، حيث اجتذب جمهورًا واسعًا، وباتت فيديوهاته تحقق انتشارًا لافتًا، بفضل حسه الكوميدي الفريد.
أحمد مجدي
التنمر في البداية.. والدعم في القمة
لم تكن الطريق سهلة. يتذكر أحمد بداية المشوار قائلًا: “أصعب فترة كانت البداية. كنت بتعرض لتنمر كبير من ناس حواليا. كنت ساعات بسأل نفسي: أكمل ولا لأ؟ بس الحمد لله، الناس اللي كانت بتتريق، دلوقتي بتدعمني.”
في حين يرى أن هذا التحول في مواقف الآخرين يعكس الفرق الذي يصنعه النجاح الحقيقي: “في الأول، الناس مش بتصدقك، ولما تنجح، الكل بيبقى معاك”.
ورغم أنه يعرف بفيديوهاته المليئة بالضحك والطاقة، يؤكد أحمد أن شخصيته الحقيقية تختلف كثيرًا عما يراه الجمهور. “أنا هادي جدًا، منظم، بحب الروتين. الناس بتتخيل إن أنا زي الفيديوهات، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا”.
في حين يشير إلى أن هذا الفارق أحيانًا يصدم المتابعين عند التعامل المباشر معه، لكنه في الوقت نفسه يضيف له مساحة من العمق والتوازن في حياته.
أحمد مجدي
خطوة نحو التمثيل والإعلانات
لم يكتف أحمد بصناعة المحتوى على السوشيال ميديا، بل بدأ في تطوير نفسه عبر ورش تمثيل، وشارك في حملات إعلانية، وبدأ يضع قدمًا في عالم التصوير والإنتاج الإعلاني. رغم أنه لا يرى نفسه فنانًا بالمعنى الكامل، لكنه يعتبرها تجربة ثرية تسمح له باستكشاف طاقات جديدة في شخصيته.
رغم ارتباطه الكبير بمنصات التواصل، إلا أن أحمد لا يخفي شعورًا مختلطًا تجاهها. “أوقات كتير بفكر أقفل التطبيقات وأبعد. لكن اللي مخليني مكمل هو الجمهور الجميل اللي بتابعه وبيضحك معايا. الناس دي محترمة بجد، والدعم بتاعهم بيفرق معايا جدًا”.
أحمد مجدي
رسالة للجمهور: “أنتم السبب الحقيقي في كل ده”
في حين يختم أحمد مجدي حديثه برسالة مؤثرة إلى جمهوره، الذي يعتبره الدافع الأول وراء كل ما وصل إليه: “أنا بدأت وقت هروب، وكنت بدور على نفسي. ودلوقتي حاسس إني لقيت حاجة بجد. الدعم اللي باخده من الناس، سواء بكومنت أو كلمة حلوة، هو السبب في كل اللي وصلت له. أنتم السبب الحقيقي”.