اعتبر الباحث الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، محمد محمود عبد الرحيم، أن خفض سعر الفائدة خلال العام الجاري “أمر حتمي”، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد المصري المزيد من التيسير النقدي على مدار العام. جاء ذلك في تحليل له تناول تداعيات القرارات الأخيرة للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري.
توقعات بخفض حتمي ومزيد من التيسير النقدي
يرى محمد محمود عبد الرحيم أن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة يتجه نحو الانخفاض، وأن قرار الخفض الذي اتخذه البنك المركزي مؤخراً هو مجرد بداية. ويتوقع أن تشهد الاجتماعات القادمة للجنة السياسة النقدية المزيد من التخفيضات في أسعار العائد الأساسية، وذلك في إطار سعي البنك المركزي لتحقيق مستهدفات التضخم المعلنة.

خفض الفائدة يحفز الاقتصاد لكنه يواجه تحدي “الأموال الساخنة”
ضغوط تضخمية وتحديات التنسيق بين السياستين النقدية والمالية
على الرغم من التحسن النسبي الذي شهدته مؤشرات التضخم في الفترة الأخيرة، أشار عبد الرحيم إلى أن رفع أسعار المنتجات البترولية مؤخراً قد خلق “مزيد من الضغوط التضخمية”. ولذلك، شدد على ضرورة التنسيق الفعال بين السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي والسياسة المالية التي تديرها الحكومة. ويرى أن هذا التنسيق يجب أن يتم وفق “مستهدفات رقمية وزمنية محددة” لضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية.
هدف التضخم وضبط المعروض النقدي
أوضح عبد الرحيم أن البنك المركزي المصري يستهدف الوصول بنسبة التضخم إلى 7% ± 2 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2026. ولتحقيق هذا المستهدف الطموح، يرى أنه “لابد من خفض سعر الفائدة إلى أدنى درجة ممكنة”. ومع ذلك، يؤكد أن خفض الفائدة وحده لا يكفي، بل يجب أن يصاحبه “تحقيق قدر من الاستقرار في أسعار السلع والخدمات إلى حد كبير”.
كما شدد على نقطة جوهرية تتعلق بالمعروض النقدي، قائلاً: “لا يمكن أبداً أن يكون هناك معروض نقدي كبير يساهم في زيادة نسبة التضخم، مع خفض سعر الفائدة وننتظر خفض التضخم”. ويشير بذلك إلى أن السيطرة على حجم السيولة في الاقتصاد أمر حيوي للحد من الضغوط التضخمية، وأن زيادة المعروض النقدي يمكن أن تقوض جهود خفض الفائدة في السيطرة على التضخم.
تأثير إيجابي على الاستثمار والإنتاج
بشكل عام، يعتبر محمد محمود عبد الرحيم أن خفض سعر الفائدة “أمر محبذ للدورة الاقتصادية”. ويوضح أن خفض الفائدة يعني تخفيض تكاليف الاقتراض، مما قد يشكل حافزاً قوياً للأفراد والمؤسسات، وخاصة القطاع الخاص، للاقتراض بغرض الاستثمار والتوسع في الإنتاج. ويهدف هذا التوسع في الإنتاج إلى تغطية أي زيادة محتملة في الاستهلاك قد تنتج عن تحسن الأوضاع الاقتصادية أو انخفاض تكلفة الاقتراض.
تأثيرات متباينة على القطاعات الاقتصادية: العقارات، الذهب، والبورصة في الصورة
توقع عبد الرحيم أن يكون لخفض سعر الفائدة تأثيرات متباينة على مختلف القطاعات الاقتصادية. ففي قطاع العقارات، يرى أنه قد يشهد “رواج نسبي كنتيجة محتملة لخفض سعر الفائدة”، حيث يصبح الاقتراض لشراء العقارات أقل تكلفة.
أما بالنسبة لسعر الذهب، فيشير إلى أنه “بالنظر إلى تكلفة الفرصة البديلة. قد يشهد الذهب مزيداً من الارتفاع مع ضرورة عدم إغفال المؤثرات في السعر العالمي والتي تقود الذهب للارتفاع من الأساس”. ويعني بذلك أنه عندما تنخفض عوائد الأوعية الادخارية الأخرى مثل الودائع المصرفية نتيجة لخفض الفائدة. يصبح الذهب أكثر جاذبية كأصل يحتفظ بقيمته، خاصة في ظل استمرار العوامل العالمية التي تدعم ارتفاع أسعاره.
وفيما يتعلق بالبورصة المصرية، يتوقع عبد الرحيم “ضخ سيولة محتملة في البورصة”، مما يؤدي إلى ارتفاع مؤشراتها. بينما يتوقع أن تشهد مؤشرات البورصة المصرية ارتفاعاً خلال الأسبوع القادم. كنتيجة مباشرة لقرار خفض الفائدة وتوقعات ضخ المزيد من السيولة.
تحدي “الأموال الساخنة” وتأثيره على سعر الدولار
كما تطرق عبد الرحيم أيضاً إلى مسألة “الأموال الساخنة” وتأثير خفض الفائدة عليها. وأوضح أن ارتفاع سعر الفائدة يعتبر أمراً جاذباً لهذه الأموال الباحثة عن عوائد مرتفعة وسريعة. وبالتالي، فإن خفض سعر الفائدة قد لا يكون جاذباً لهذه الأموال. والتي قد تبحث عن بدائل استثمارية أخرى في أسواق أخرى تقدم عوائد أعلى. وحذر من أن “أي خروج للأموال الساخنة قد يساهم في ارتفاع سعر الدولار”. بينما يؤدي خروج هذه الأموال إلى زيادة الطلب على الدولار لمغادرة البلاد، مما يضغط على سعر صرف الجنيه.