الخميس, أكتوبر 16, 2025
الرئيسية » خاص| ما وراء الأرقام “ناصر هجرس” فنان يفضل التطور الذاتي على بريق الشهرة

خاص| ما وراء الأرقام “ناصر هجرس” فنان يفضل التطور الذاتي على بريق الشهرة

ناصر هجرس
ناصر هجرس

في عالم الفن المتغير باستمرار، تبرز مواهب شابة تشق طريقها بشغف وإصرار، لتضيف بصمة خاصة في المشهد الإبداعي. من بين هذه المواهب، يأتي ناصر هجرس، الشاب البورسعيدي المولود عام 1994، الذي لم تكن موهبته الفنية مجرد صدفة، بل شرارة مبكرة أوقدتها ملاحظة بسيطة وفضول طفولي.
من تلك اللحظة التي أبهرته فيها قدرة الممثل على الظهور في عوالم مختلفة، بدأت رحلة ناصر في استكشاف ذاته وتطوير موهبته المتفردة. ومع كل خطوة يخطوها في هذا الدرب، سواء في فضاءات المسرح أو أمام عدسات الكاميرا على وسائل التواصل الاجتماعي، يكشف ناصر عن فلسفة فنية عميقة تجمع بين الشغف المطلق بالتمثيل وحذر شديد من بريق الشهرة الرقمية، مؤكداً أن الفن ليس مجرد مهنة، بل جزء أصيلًا من هويتّه، يسعى من خلاله إلى التطور المستمر وإيصال رسائل هادفة، مع الحفاظ على أصالة ذاته وهويته الثقافية.

ناصر هجرس

ناصر هجرس

“بداية الشرارة” اكتشاف الموهبة في سن مبكرة

اكتشف ناصر موهبته الفنية في سن مبكرة جدًا، حيث كانت والدته العامل الأساسي في إشعال هذه الشرارة. يروي ناصر: “كنت جالسًا مع والدتي نشاهد التلفاز، وكان هناك فيلم لممثل معين. عندما قامت أمي بتغيير القناة، اكتشفت وجود الممثل ذاته مرة أخرى. ومن هنا بدأ التساؤل: ‘كيف يا أمي يمكنه الظهور في عالمين مختلفين في آن واحد؟’ لتكون الإجابة التي ستشكل حياتي القادمة كلها: ‘إنه ممثل يمكنه الظهور بأكثر من شكل على عدة قنوات في آن واحد’.” هذه الإجابة البسيطة كانت نقطة التحول التي رسمت مسار ناصر نحو عالم التمثيل.

التواجد الرقمي والهاجس من التفاعل الجماهيري

فيما يتعلق بحضوره على وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد ناصر أنه لا يمتلك “هوية رقمية قوية ومحددة المعالم”. ورغم أنه اشتهر مؤخرًا بسلسلة “مسافر عبر الزمن” وشخصية “عبدون الجاهلي”، إلا أن بداياته كانت من خلال مقاطع الفيديو التي يعيد فيها تمثيل المشاهد بطريقتين مختلفتين. ومع ذلك، يعرب ناصر عن تخوفه من أي شيء يزيد التفاعل بشكل مفرط. يوضح: “أي شيء يعجبني، أستمر فيه ما دام التفاعل مليون أو خمسة ملايين. لكن عندما يصل إلى 11 مليونًا و18 مليونًا، ويقترب من 19 مليونًا، أتوقف.” هذا التوقف يعكس حذر ناصر من الانجراف وراء الأرقام على حساب الجودة أو الرسالة التي يرغب في تقديمها، وهو ما يظهر وعيًا كبيرًا لديه بتقلبات الشهرة الرقمية.

تحديات التدريب والبحث عن التطور الذاتي

وعند سؤاله عن الانضمام لورش تدريب التمثيل، سواء للتعلم أو لتعليم الآخرين، أشار ناصر إلى أنه لم يفكر في تعليم التمثيل تحديدًا. ويرى أن “التمثيل لا يشترط أن يكون الممثل الجيد مدربًا جيدًا للتمثيل. المهم أن يكون الممثل بارعًا في أدائه”. وأضاف أن “أمهر مدربي التمثيل في العالم” قد لا يكونوا قد تدربوا أنفسهم بشكل مكثف. ويفضل ناصر تطوير ذاته من خلال الممارسة والاجتهاد الشخصي، مؤكدًا أنه لم يسعَ للتدريب مع أي مدربين مشهورين. كما رفض ناصر تمامًا الإنخراط في هذا المجال كمدرب تمثيل.”

نظرة للمستقبل

تلقى ناصر فرصة للسفر والعمل في الإمارات بعد عام واحد فقط من ظهوره على وسائل التواصل الاجتماعي. وعند سؤاله عما إذا كان قد تخوف من تحمل المسؤولية، أجاب ناصر: “أنا دائمًا خائفًا من تحمل مسؤولية أن أصبح شخص قدوة أو نموذجًا للآخرين”.
وأكمل:” أنا لا أرغب في فرصة تزيد من شهرتي، ولكني لا أحب أن أكون في المستوى نفسه طوال الوقت، بل أرغب في أن أكون إنسانًا أفضل وممثلًا أكثر براعة العام القادم.”

وشدد على أن طموحه ينصب على “أن يصبح أمهر في التمثيل، لا أن يحصل على جائزة.” فبالرغم من سعادته بأي تكريم، إلا أنه لا يضع الجوائز هدفًا أساسيًا في حياته. يقول: “لا أجعل سعادتي معلقة على جائزة قد تأتي أو لا تأتي، فهي ليست بيدي. حتى لو اتخذت جميع الأسباب التي قد توصلني إليها، قد أتعرض لحادث وأموت وأنا في طريقي إليها. لماذا أؤجل سعادتي لخمس دقائق؟” مما يعكس وعيًا لديه بأهمية اللحظة الحالية والسعي المستمر للتطور بغض النظر عن النتائج الخارجية.

أكثر ما يسعد ناصر هو “اكتشاف أداء جديد في نفسه”. حيث يركز على تطوير ذاته ويؤكد أن هذا هو المحرك الأساسي له، فأكثر مايشعره بالسعادة ليس إطراءات من المعجبين، أو تعليقات إيجابية على منصات التواصل، بل اكتشاف أداء جديد هو أكثر مايسعده ويشعره بالتقدم والإنجاز.

بينما يخشى ناصر من تقلبات النفوس البشرية، فـ “نفس الأشخاص الذين يرفعونك إلى سابع سماء هم من يخسفونك إذا خالفت توقعاتهم، وجمهور وسائل التواصل الاجتماعي لا يرحم”. لذلك، يؤكد ناصر دائمًا: “أنا لا أقدم محتوى، أنا فقط أوضح وجهة نظري بالطريقة التي أعرفها وهي التمثيل. ولكنني لست قدوة.”

ناصر و”عبدون”: شخصية تتجاوز صانعها

تحدث ناصر عن شخصية “عبدون الجاهلي” التي جسدها ضمن سلسلة “مسافر عبر الزمن”. لم يقم ناصر بالتجهيز المسبق لهذه الحلقات، بل كان يعدها بناءً على الفكرة التي أراد تغييرها. وهي السلسلة الوحيدة التي هدفت إلى إيصال معلومة وهدف للناس، على عكس بقية أعماله التي يركز من خلالها على موهبته وتطويرها.

وفي تصريح حصري، أعلن ناصر عن نيته إنشاء حساب جديد على منصة “تيك توك” باسم “عبدون”، وذلك نظرًا لشدة حب الناس للشخصية وكثرة طلبهم لها. يقول ناصر مازحًا: “عبدون بات أشهر مني، لقد طغى على ناصر. الناس باتت تطالب بعبدون لا ناصر، لذلك سأقوم بإنشاء حساب جديد له لأنني بدأت أغار منه.” هذا التصريح يعكس النجاح الكبير الذي حققته شخصية “عبدون” وتأثيرها على الجمهور.

شخصية عبدون الجاهلي – سلسة مسافر عبر الزمن

فلسفة ناصر: الفن كحياة، والحياة كفن

تطرق الحوار مع ناصر إلى فكرة جوهرية لديه، وهي أن الفن جزء لا يتجزأ من حياته، ولكنه لا يسيطر عليها بالكامل. فيقول : “نحن نقوم بالشيء (الفن) للحفاظ على هذا الشيء، لكن حياتنا شيء آخر في الدنيا ونحن مستمرون. فنحن نحافظ على الشيء الذي نحبه ونعيش حياتنا أيضًا بالطريقة التي نريدها.” ناصر يتبنى هذه الفلسفة، مؤكدًا أنه ليس من الضروري أن يكون الفرد “هادفًا” في كل لحظة، وأن يتقبل تناقضاته.

تحدث ناصر عن تجربته مع المسرح، وخاصة “تاجر البندقية”، كانت هذه المسرحية أول دور بطولة لناصر على مسرح جامعة بورسعيد، وحصد من خلالها عدة جوائز كانت أبرزها جائزة “مهرجان إبداع”، حيث استطاع ناصر بـ “تاجر البندقية” أن يحصد جائزة ممثل أول في المهرجان، لافتًا إلى أن هذه الجائزة دائمًا ماتكون من نصيب ممثلي جامعة القاهرة، أو جامعة عين شمس، ولكن ناصر استطاع أن يقتنصها من بينهم.

بعد حصوله على الجائزة، طلب من ناصر عدة مرات المشاركة في المسرحية مرة أخرى في أماكن غير جامعته، ولكنه رفض، “أنا أديت الدور وحصدت الجائزة بإسم جامعتي، لماذا أعيد التجربة مرة أخرى.

مسرحية "تاجر البندقية"

مسرحية “تاجر البندقية”

ناصر هجرس يحصد جائزة – ممثل أول- مهرجان إبداع

ناصر هجرس يحصد جائزة - ممثل أول- مهرجان إبداع

ناصر هجرس يحصد جائزة – ممثل أول- مهرجان إبداع

“عبدون” والماضي: رسالة وهدف

تتجسد شخصية “عبدون” كرمز للماضي، و”ناصر” يمثل المستقبل في سلسلة “مسافر عبر الزمن”. “عبدون” ليس شخصية غاضبة، إنه غاضب وفي الوقت ذاته حليم، شجاع وفي أحيان أخرى يكون جبان، جاهل، أو أحيانًا يكون “علامة زمانه”، حيث يجسد ناصر من خلاله تناقضات الإنسان الطبيعي. هذه الشخصية التي لم يجهز ناصر لحلقاتها مسبقًا، كانت السلسلة الوحيدة التي هدف من خلالها إلى “إيصال معلومة وتوصيل هدف للناس”، على عكس بقية أعماله التي يركز من خلالها على “التركيز على موهبته وتطويرها”.

بينما اختتم ناصر حديثه بملاحظة مهمة حول اللغة العربية، مستنكرًا محاولات التغريب اللغوي. يقول: “الغني هو الذي يبدو في لغته أنه لا يتكلم مثل لغته [الأصلية]. لا يوجد أي شيء يجعلك تتكلم الإنجليزية مع واحد من بلدك، أو أن تجعل أولادك يتكلمون الإنجليزية.” ويؤكد أن “القيم والأخلاق والمكارم لا يضاهيها أي صرفة في العالم.” هذا الموقف يعكس اعتزاز ناصر بلغته الأم وهويته الثقافية، ويؤكد على أهمية الأصالة في ظل الانفتاح على الثقافات الأخرى.

NightlyNews24 موقع إخباري عربي يقدم أخبار السياسة، الاقتصاد، والرياضة بتغطية يومية دقيقة وتحليلات موجزة لمتابعة الأحداث الراهنة بأسلوب مهني وموضوعي.

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية وكن أول من يتابع آخر الأخبار والتحديثات الحصرية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!

آخر الأخبار

@2021 – جميع الحقوق محفوظة NightlyNews24