في تصريحات خاصة لـ “Nightly News”، أدلت الأستاذة وفاء غيبة، أخصائية تربوية وتعديل السلوك، برأيها حول الطريقة الصحيحة لتربية الآباء لأبنائهم. تناولت الأستاذة وفاء في حديثها العديد من الجوانب المتعلقة بالتعامل الصحيح مع المراهقين، والمشاكل السلوكية، وطريقة التعامل الجيد من المدرسين تجاه الأطفال، وكيفية التعامل مع تشتت الانتباه وفرط الحركة في المدارس، واختتمت بنصائح موجهة لأولياء الأمور.
كيفية التعامل مع سلوكيات الأبناء
كيف نعرف أن الطفل يعاني من مشكلة سلوكية؟
أوضحت الأستاذة وفاء أن المشاكل في سلوكيات الأبناء تظهر عندما “يبدأ سلوك معين يتكرر بشكل مزعج ويؤثر على علاقته بالآخرين أو أدائه في المدرسة”. وضربت أمثلة على ذلك بـ”نوبات الغضب المستمرة، ضرب الأطفال الآخرين، أو الكذب بشكل متكرر”. وأضافت أنه من الضروري مراقبة الطفل في أكثر من بيئة مثل البيت، المدرسة، عند الجدة، أو مع الأصدقاء، فإذا ظهر السلوك في أكثر من مكان، فغالبًا هناك مشكلة سلوكية حقيقية. وتؤكد الجمعية الأمريكية للطب النفسي أن التقييم السلوكي يجب أن يشمل تعدد السياقات.
هل الضرب يصلح السلوك فعلًا؟
شددت الأستاذة وفاء على أن “الضرب ممنوع ممنوع ممنوع”. وأوضحت أنه قد يوقف السلوك مؤقتًا، إلا أنه “يخلق مشاعر وأفكار وترسبات سلبية وسيئة في نفس طفلك، وغالبًا سيزيد من العناد والخوف مع الوقت، وسيؤثر على ثقته بنفسه وعلاقته مع أغلب من حوله”. وأكدت أن التربية بالحزم والاحترام، رغم حاجتها للصبر، تحقق نتائج أفضل وتبني علاقة صحية وجيلًا واثقًا ومتفوقًا ومبدعًا. وتدعم هذه الرؤية دراسة تحليلية شاملة (Gershoff & Grogan-Kaylor, 2016) بيّنت أن العقاب الجسدي مرتبط بزيادة السلوك العدواني وضعف المهارات الاجتماعية.
كيف نربي طفلًا واثقًا من نفسه؟
تُبنى الثقة، بحسب غيبة، “عندما يشعر الطفل أنه محبوب ومسموع ولديه كمية من الإنجازات خلال سنوات حياته”. لذا نصحت الأهل بـ”منحه فرصًا للتجربة، وتشجيعه على المحاولة، ومدح جهده وليس فقط النتيجة”، بالإضافة إلى “مشاركته القرارات البسيطة، والتحدث معه باحترام، والاحتفال معًا بإنجازاته”.
كيف نكتشف أن الطفل لديه توحد أو صعوبات في التعلم؟
أكدت الأستاذة وفاء أهمية التقييم المبكر عند أخصائي نفسي باستخدام أدوات مثل ADOS-2 أو اختبارات الذكاء مثل WISC-5 للتشخيص السليم. وتوصي مراكز البحث مثل مركز CDC بعدم التأخير في طلب المساعدة عند وجود الشكوك. وأشارت إلى أن علامات التوحد تشمل ضعف التواصل البصري، تأخر الكلام، أو سلوكيات متكررة مثل ترتيب الألعاب بشكل مبالغ فيه. أما صعوبات التعلم، فتظهر في مشاكل في القراءة أو الحساب رغم أن الطفل يبدو ذكيًا.
فن التعامل مع سلوكيات الأبناء في سن المراهقة
كيف يتعامل الأهل مع سلوكيات الأبناء سن المراهقة؟
نصحت الأستاذة وفاء الأهل في هذه المرحلة بـ”تقليل الأوامر وزيادة الحوار”. وأوضحت أن “المراهق لا يبحث عن التحدي بل يبحث عن الفهم والاعتراف به”. كلما شعر بالاحترام والإنصات، اقترب من والديه أكثر. وذكرت أن المراهق في هذه المرحلة يكون “تائهًا، يحاول أن يفهم نفسه ومكانه في الحياة، ومشاعره وأفكاره وهرموناته غير مستقرة، ويحتاج دعمًا مستمرًا من الأهل”. وتُظهر دراسة من جامعة ميتشيغن أن العلاقة الداعمة من الأهل تقلل من السلوك الخطر عند المراهقين بنسبة كبيرة.
لو أصبح ابني عنيدًا أو عصبيًا، ماذا أفعل؟
أوضحت غيبة أن العناد ليس تحديًا دائمًا، بل هو وسيلة للتعبير عن مشاعر داخلية. وبدلًا من الصدام، الأفضل “الاستماع إليه، توضيح القواعد له، والتعامل معه بهدوء وثبات دون صراخ أو تهديد”. وأكدت أهمية وجود اتفاق مسبق ونقاش ينتهي بخيار واضح: هذا هو السلوك، وهذه هي العاقبة. مشددة على أن هذه المرحلة تحتاج الكثير من الصبر والاحتواء. وتشير دراسات حديثة إلى أن المراهق يستجيب بشكل أفضل عندما يشعر أن له دور في القرار.
كيف أفرق بين سوء التربية وسلوك طبيعي في سن المراهقة؟
بعض التصرفات مثل الغضب أو الرغبة في الاستقلال تعتبر طبيعية في هذا السن. لكن إذا كان السلوك يتكرر بشكل مسيء أو فيه استهزاء متعمد، فهنا نتحدث عن تجاوز غير مقبول. ويكمن الفرق في النية، التكرار، ومدى احترامه للحدود. وتفرق الأبحاث التربوية بين “السلوك الإنمائي” و”السلوك المتعدي”، وتنصح الأهل بالنظر في السياق العام للسلوك.
التعليم والمدارس: استراتيجيات للبيئة الصفية الفعالة
كيف يتعامل المعلم مع طالب عنده فرط حركة أو تشتت انتباه؟
هذا النوع من الطلاب لا يحتاج إلى عقاب أو لوم دائم، بل إلى أسلوب تدريس يتناسب مع طبيعته. من المهم “تقليل المشتتات في الصف، وتقديم التعليم بطريقة فيها حركة وتنوع”. ويمكن إعطاؤه مهام قصيرة، وتوفير فترات راحة منظمة، واستخدام أدوات بصرية وملونة لجذب انتباهه. كما أن العلاقة الإيجابية مع المعلم تلعب دورًا كبيرًا في تحسين استجابته. وتوضح الدراسات أن المعلمين الذين يستخدمون استراتيجيات تعديل السلوك يحققون تحسنًا واضحًا في انضباط الطالب.
ما المهارات التي يجب تعليمها للطفل بجانب الدراسة؟
ترى الأستاذة وفاء أن المدرسة لا يجب أن تركز على المناهج فقط، بل يجب أن تكون المهارات الحياتية الأساسية جزءًا من التعليم، مثل: كيفية التعبير عن الرأي بثقة واحترام، وكيفية التعامل مع الإحباط أو الفشل، وكيفية تنظيم الوقت ووضع أهداف بسيطة، وكيفية حل المشكلات بطريقة هادئة. وتعتبر منظمة اليونسكو هذه المهارات جزءًا من التعليم الجيد، وتوصي بإدماجها ضمن الأنشطة الصفية اليومية.
نصائح ذهبية لأولياء الأمور: من الصداقة الأبوية إلى إدارة التكنولوجيا والمشاعر
كيف أكون صديقًا لابني دون فقد سلطتي؟
أكدت الأستاذة غيبة أن الصداقة لا تعني التنازل عن دور الأب أو الأم، بل تعني “أنك تحترم ابنك وتدعمه، وتسمح له بأن يتحدث، ولكن في إطار من الوضوح والثبات”. والتواصل الإيجابي مثل الاستماع والاعتراف بالمشاعر يعمق العلاقة، ويزيد من تقبل الطفل للتوجيه. وتشير الدراسات إلى أن العلاقة الوالدية الدافئة مع وجود قواعد واضحة تعزز التوازن النفسي عند الطفل.
هل استخدام التكنولوجيا يؤثر على سلوكيات الأبناء؟
أجابت الأستاذة وفاء بـ”نعم”، حيث أن الاستخدام الزائد للموبايل أو الأجهزة يسبب تراجعًا في التركيز، ومشاكل في النوم، وضعفًا في المهارات الاجتماعية. لكنها أكدت أن التكنولوجيا نفسها ليست المشكلة، بل طريقة استخدامها. وتؤكد الأبحاث الحديثة أن التنظيم وليس المنع هو الأسلوب الأفضل، مع تحديد وقت الشاشة وتقديم بدائل مفيدة مثل القراءة أو الألعاب الحركية.
كيف أساعد طفلي على إدارة مشاعره؟
أوضحت غيبة، أن المهارة العاطفية لا تأتي من تلقاء نفسها، بل يتعلمها الطفل من الكبار. ونصحت بالبدء بـ”عكس ما يشعر به الطفل، ثم تعليمه أن المشاعر مقبولة لكن السلوك يجب أن يكون مناسبًا”. ويعتبر استخدام القصص والرسم وتمارين التنفس من الأدوات التي أثبتت فعاليتها في تدريب الأطفال على التهدئة. وبحسب مركز RULER في جامعة Yale، الأطفال الذين يتعلمون التعبير عن مشاعرهم بوضوح يكونون أكثر توازنًا وأقل عرضة للسلوك العدواني.