الأربعاء, سبتمبر 17, 2025
الرئيسية » لماذا لا يتصدى العالم للحروب التجارية؟

لماذا لا يتصدى العالم للحروب التجارية؟

الحروب التجارية
الحروب التجارية

مع تصاعد التوترات الاقتصادية بين القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، تزداد الأسئلة حول غياب موقف عالمي حاسم للتصدي لما يُعرف بـ الحروب التجارية. هذه المواجهات لم تعد مجرد صراع اقتصادي محدود، بل تحولت إلى أداة سياسية واستراتيجية تُستخدم للضغط والتأثير.

وهو ما ينعكس بشكل مباشر على حركة التجارة الدولية، واستقرار الأسواق المالية، وأسعار السلع والخدمات، ورغم التأثيرات الواسعة، لا نجد استجابة عالمية مباشرة أو جبهة موحدة لوقف هذه الحروب، بل على العكس، تتجه معظم الدول إلى التكيف معها بدل مواجهتها.

 

تشابك المصالح الاقتصادية

أحد أبرز الأسباب هو التشابك العميق للمصالح الاقتصادية العالمية. فالعولمة جعلت الاقتصادات مترابطة بشكل غير مسبوق.

حيث تعتمد سلاسل الإمداد على تدفقات معقدة من المواد الخام والمنتجات الوسيطة والنهائية.

وأي محاولة للتصدي المباشر لحرب تجارية بين قوتين مثل أمريكا والصين قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية على دول أخرى ترتبط باقتصاداتهما.

فعلى سبيل المثال، دول في جنوب شرق آسيا وأوروبا تعتمد بشكل أساسي على السوقين الأمريكي والصيني.

كمنافذ للتصدير ومصادر للاستثمار، ما يجعلها تتردد في اتخاذ مواقف حاسمة قد تُعرض مصالحها للخطر.

 

ضعف المؤسسات الدولية

كما أن منظمة التجارة العالمية (WTO)، التي يفترض بها أن تكون المرجعية الأساسية في فض النزاعات التجارية، تعاني من تراجع نفوذها.

فالقرارات الصادرة عنها عادةً ما تكون بطيئة في التنفيذ، إضافةً إلى أن بعض القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة رفضت الانصياع لأحكامها في أكثر من مرة.

هذا الضعف المؤسسي قلل من قدرة المنظمة على لعب دور مؤثر، وأدى إلى اعتماد الدول على الحلول الثنائية بدلًا من اللجوء إلى قنوات التحكيم الدولية.

 

توازن القوى والاعتبارات السياسية

الحروب التجارية لا تدار فقط كصراع اقتصادي، بل هي جزء من لعبة النفوذ السياسي العالمي.

على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة قيودًا مشددة على تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة إلى الصين.

في خطوة تهدف إلى كبح تقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات العسكرية.

وردت الصين بفرض قيود على صادرات المعادن النادرة المستخدمة في صناعة التكنولوجيا.

هذا التداخل بين السياسة والاقتصاد يجعل التصدي لتلك الحروب أكثر تعقيدًا، إذ تتردد الدول الأخرى في التدخل خوفًا من أن تتحول إلى ساحة مواجهة أو أن تفرض عليها عقوبات اقتصادية انتقامية.

 

الرهان على الحلول التدريجية

بدلًا من المواجهة، تتبنى معظم الدول نهج إدارة الأزمات عبر التفاوض والبحث عن حلول جزئية.

مثل إبرام اتفاقيات ثنائية أو الانضمام إلى تكتلات اقتصادية إقليمية تعزز من قدرتها على مواجهة تداعيات النزاعات التجارية.

فالاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، يفضل الدخول في مفاوضات مباشرة مع الصين وأمريكا لحماية مصالحه بدلاً من الدخول في مواجهة مفتوحة.

كذلك، تلجأ بعض الدول النامية إلى عقد شراكات جديدة مع أطراف بديلة لتقليل الاعتماد على طرف واحد.

 

انعكاسات مباشرة على الاقتصاد العالمي

غياب التصدي المباشر للحروب التجارية يترك آثارًا واضحة على الاقتصاد العالمي.

إذ ترتفع أسعار السلع بسبب الرسوم الجمركية، وتتعطل سلاسل التوريد، وتتراجع استثمارات الشركات الكبرى نتيجة عدم اليقين، كما تتأثر العملات وأسواق الأسهم سلبًا مع كل جولة من التصعيد

ويرى محللون أن استمرار هذه المواجهات يهدد بتقسيم الاقتصاد العالمي إلى تكتلات متنافسة.

حيث يقود ذلك إلى تراجع مبادئ السوق الحرة التي شكلت أساس النمو العالمي خلال العقود الماضية.

 

إلى أين يتجه المشهد؟

من الواضح أن العالم يتعامل مع الحروب التجارية بمنطق “الاحتواء” أكثر من “المواجهة”.

فالدول لا ترغب في تحمل كلفة التصدي المباشر، والمؤسسات الدولية فقدت الكثير من فعاليتها، فيما تستمر القوى الكبرى في استخدام التجارة كسلاح سياسي.

وبناءً على ذلك، يتوقع الخبراء أن تظل هذه الحروب جزءًا من المشهد الاقتصادي العالمي في السنوات المقبلة.

خصوصًا في القطاعات الاستراتيجية مثل أشباه الموصلات، المعادن النادرة، والذكاء الاصطناعي.

NightlyNews24 موقع إخباري عربي يقدم أخبار السياسة، الاقتصاد، والرياضة بتغطية يومية دقيقة وتحليلات موجزة لمتابعة الأحداث الراهنة بأسلوب مهني وموضوعي.

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية وكن أول من يتابع آخر الأخبار والتحديثات الحصرية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!

آخر الأخبار

@2021 – جميع الحقوق محفوظة NightlyNews24