في عالم تتغير فيه عادات المستخدمين بسرعة مذهلة، لم يعد نفوذ إنستجرام وتيك توك كما كان قبل سنوات قليلة. يواجه إنستجرام تشبعًا وتراجعًا في معدلات التفاعل، فيما تضغط التحديات التنظيمية على تيك توك مهددة وجوده في أسواق كبرى مثل الولايات المتحدة. وفي خضم هذا الاضطراب، تبرز مجموعة من التطبيقات الناشئة التي استطاعت جذب ملايين المستخدمين والمعلنين في فترة قصيرة، لتعيد رسم خريطة صناعة المحتوى عالميًا.
لماذا يتزاحم الوافدون الجدد على عرش الفيديو والصور؟
ذائقة المستخدمين تتغير بسرعة، وقوانين المنصات تتبدل، والإعلانات تعيد التموضع. مع كل اهتزاز في وضع تيك توك بسبب قضايا تنظيمية، أو تشبع إنستجرام بالمحتوى، يندفع المستخدمون والمعلنون لتجربة بدائل جديدة. هذه البدائل تعدهم بخوارزميات أبسط، وصول عضوي أعلى، مجتمعات متخصصة، وتجربة تسوق مدمجة بسلاسة.
وخلال عامي 2024–2025، قفزت عدة تطبيقات إلى قوائم الأكثر تحميلاً في أسواق رئيسية، مستفيدة من لحظات الاضطراب لدى المنصات الكبرى، بحسب تقارير واشنطن بوست.
ريد نوت.. “إنستجرام + متجر” في تطبيق واحد
بينما تطبيق RedNote المعروف في الصين باسم شياوهونجشو، يجمع بين مراجعات الحياة اليومية والمحتوى المرئي مع قسم تسوق مدمج. ما يجعله قريبًا من مزيج “إنستجرام ومتجر إلكتروني”.
ومع تصاعد الحديث عن حظر تيك توك في الولايات المتحدة مطلع 2025. تصدر RedNote قوائم التنزيلات في متاجر iOS وAndroid داخل السوق الأمريكية، وقفزت تنزيلاته عدة أضعاف عن المتوسط.
هذا النمو السريع يهدد إنستجرام مباشرة، لأنه يقدم رحلة متكاملة من الإلهام إلى الشراء داخل التطبيق نفسه، وهو ما تحاول ميتا تطويره منذ سنوات دون نجاح كبير.
ليمون 8.. شقيق تيك توك ينافس إنستجرام
في حين تطبيق Lemon8 التابع لشركة بايت دانس (مالكة تيك توك) يمزج بين أسلوب إنستغرام الجمالي وخوارزميات الاكتشاف القوية الخاصة بتيك توك. ما يجعله أقرب إلى مزيج بين إنستغرام وبنترست.
قفز التطبيق إلى صدارة فئة “لايفستايل” على متجر أبل في الولايات المتحدة مع ارتفاع تنزيلاته بنسبة تصل إلى 190% في ديسمبر 2024. وتجاوز عدد التنزيلات العالمية 50 مليون حتى مارس 2025.
Lemon8 يعتمد على محتوى “إرشادي” مثل الوصفات ولوحات المزاج وروتينات الحياة اليومية. وهو ما يمنح العلامات التجارية مساحة مثالية للتسويق بشكل طبيعي بعيدًا عن الصخب الإعلاني.
كلابر.. البديل الأمريكي لتيك توك
بينما تطبيق Clapper الذي انطلق من دالاس عام 2020، يقدم تجربة مشابهة لتيك توك تشمل الفيديوهات القصيرة والبث المباشر والهدايا الافتراضية، لكنه يستهدف جمهورًا أكبر من 17 عامًا.
مع تصاعد مخاطر الحظر في الولايات المتحدة، قفز Clapper إلى المراتب الأولى في متاجر التطبيقات الأمريبكية. محققًا ملايين التنزيلات في فترة قصيرة، ما يجعله البديل الأقرب لتيك توك في حال استمرار الضغوط التنظيمية.
كواي.. لاعب لاتيني ينافس الكبار
Kwai، النسخة الدولية من منصة Kuaishou الصينية، يبني قاعدة قوية في أمريكا اللاتينية، خاصة في البرازيل، من خلال محتوى محلي يناسب ثقافة الجمهور، وحملات جوائز وموسيقى شعبية.
وفي 2025، نجحت الشركة في تحقيق أرباح تشغيلية لأول مرة، لتؤكد قوتها في المنافسة. خاصة أن السوق البرازيلية تعد من أكبر أسواق الفيديو القصير في العالم.
بي ريل يعود من جديد بعد صفقة الاستحواذ
تطبيق BeReal الفرنسي الذي لمع في 2022 عاد بقوة بعد استحواذ شركة Voodoo عليه مقابل 500 مليون يورو منتصف 2024.
الإدارة الجديدة أطلقت خصائص اكتشاف جديدة وإعلانات محلية خفيفة. مع الحفاظ على طابع الأصالة الذي يميز التطبيق، ليقترب عدد مستخدميه النشطين من 50 مليون حتى مطلع 2025.
ماذا يعني هذا لصناع المحتوى والمعلنين؟
المنافسة لم تعد محصورة في إنستجرام وتيك توك، بل أصبح توزيع الجهود والميزانيات الإعلانية ضرورة. التطبيقات الجديدة مثل RedNote وLemon8 تقدم تجربة تسوق مدمجة ومحتوى إرشادي يناسب استراتيجيات التجارة الاجتماعية. بينما يتيح Clapper وKwai وصولاً قويًا في أسواق متخصصة.
حتى BeReal، رغم طابعه العفوي، قد يقتطع وقتًا من القصص اليومية على إنستغرام، مما يجعل التنويع في القنوات الرقمية خيارًا إلزاميًا وليس ترفًا.
هل انتهى عصر الاحتكار؟
التوقعات تشير إلى أن المنافسة المقبلة لن تحسم بعدد المستخدمين فقط، بل بمن ينجح في السيطرة على رحلة الشراء. وبناء اقتصاد مبدعين متنوع جغرافيًا، والامتثال للقوانين المحلية، مع خوارزميات منفتحة لا تعاقب الوافدين الجدد.
هذه العوامل قد تغير موازين القوة في عالم السوشيال ميديا خلال السنوات القليلة المقبلة.