تشهد أسواق السندات العالمية اضطرابًا غير مسبوق خلال أغسطس وسبتمبر 2025. حيث قادت موجة بيع هي الأشد منذ عقود إلى ارتفاع حاد في العوائد، ما دفع المستثمرين إلى الخروج بكثافة من أدوات الدخل الثابت. وسط استمرار ضغوط التضخم وتشدد السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى.
قفزة قياسية في العوائد السندات العالمية
في حين شهدت السندات طويلة الأجل في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ارتفاعًا غير مسبوق في العوائد. مدفوعة بالمخاوف من اتساع العجز المالي وتزايد الإصدارات الحكومية، في وقتٍ تراجع فيه الدعم التقليدي من البنوك المركزية.
بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998
بينما ارتفعت عوائد السندات البريطانية لأجل 30 عامًا إلى نحو 5.7%. وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من ربع قرن، مما يعكس الضغوط الكبيرة على تكاليف التمويل الحكومي.
قفزة في أوروبا واليابان
في فرنسا، تجاوزت العوائد 4.4%.
وفي ألمانيا، بلغت السندات طويلة الأجل نحو 3.4%، وهو أعلى مستوى في 14 عامًا.
أما اليابان، فقد كسرت السندات لأجل 30 عامًا حاجز 3% لأول مرة، في مؤشر على اتساع موجة البيع عالميًا.
الولايات المتحدة وسط صدمة الأسواق
بينما العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات قفز إلى 4.22% مطلع سبتمبر مقابل 3.84% في نهاية أغسطس.
العائد على السندات لأجل 30 عامًا اقترب من 5%، مما رفع حالة الترقب في أكبر سوق دين عالمي.
ما وراء الهروب الجماعي؟
فيما أبرز العوامل التي أدت إلى موجة البيع تشمل:
القلق من توسع العجز المالي وارتفاع مستويات الدين العام.
تراجع مشتريات البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان.
تنامي المخاوف بشأن استقلالية السياسات النقدية في بعض الاقتصادات الكبرى.
انعكاسات اقتصادية واسعة النطاق
كما ارتفاع تكاليف الاقتراض للحكومات والشركات، مما يهدد بتباطؤ النمو في الربع الأخير من العام.
تنامي المخاوف من سيناريو “الركود التضخمي” الذي يجمع بين تضخم مرتفع ونمو اقتصادي ضعيف. ما يضع صناع القرار أمام خيارات صعبة.
هل تلوح مفاجأة في الأفق؟
الأسواق تدخل الربع الرابع من 2025 وسط حالة من عدم اليقين. حيث يترقب المستثمرون البيانات الاقتصادية المقبلة ومحاضر اجتماعات البنوك المركزية لمعرفة ما إذا كان هناك تغيير في وتيرة التشدد النقدي.
ومع ذلك، يظل الباب مفتوحًا لسيناريوهين:
في حين بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما يزيد الضغط على السندات.
خفض تدريجي للفائدة استجابة لضغوط السوق والضغوط السياسية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول.
المستفيدون من الأزمة
أي هروب جماعي من السندات يعني انتقال الأموال إلى ملاذات استثمارية بديلة، وأبرز المستفيدين في هذه الفترة هم:
1. أسواق الأسهم
القطاعات الدفاعية والتكنولوجية جذبت رؤوس الأموال الباحثة عن عوائد أفضل من السندات.
المستثمرون المؤسسيون ضاعفوا مراكزهم في أسهم التكنولوجيا والرعاية الصحية.
2. الدولار الأمريكي
ارتفاع العوائد الأمريكية عزز جاذبية الدولار كعملة احتياطية عالمية.
تدفقات دولية دعمت قوة العملة الأمريكية.
3. الذهب والمعادن الثمينة
المخاوف من الركود التضخمي دفعت المستثمرين للتحوط بالذهب.
الذهب سجل مستوى قياسيًا عند 3578 دولارًا للأوقية.
4. صناديق التحوط وصناديق السلع
استفادت من تقلبات أسعار الفائدة والسندات عبر استراتيجيات المراجحة والمضاربة.
ارتفاع أسعار الطاقة والمعادن عزز عوائد هذه الصناديق.
5. البنوك الكبرى وشركات الوساطة
استفادت من زيادة أحجام التداول ورسوم التعاملات في أسواق السندات والمشتقات.
الخاسرون في المعادلة
الحكومات والشركات هي المتضرر الأكبر. نظرًا لارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يزيد الضغوط على الميزانيات ويعقد خطط الاستثمار.