لم يعد الجراد في السعودية مجرد حشرة موسمية يتجنبها البعض. بل تحول في الاونة الأخيرة إلى عنصر رئيسي في ابتكار طعام أثار جدلاً واسعاً، وهو “برغر الجراد”. في مناطق مثل القصيم والمدينة المنورة. حيث ينتشر الجراد بكثرة خلال مواسمه، بدأ بعض الطهاة والباعة المحليين بتجربة طرق جديدة لاستخدامه. أبرزها تقديمه مقلياً داخل خبز البرغر مع البصل والكاتشب. وأحياناً مع الخس أو الجبن، ليُصبح شكله أقرب إلى وجبة سريعة مألوفة لكن بطابع غير تقليدي. والبعض لا يكتفي بالطرق البسيطة. بل يطبخ الجراد أولاً في الماء وهو حي، ثم يضيف إليه الزيت والبصل قبل أن يقدمه بشكل عصري. وهكذا انتقلت هذه الحشرة من مجرد طبق شعبي قديم إلى منتج يتم تسويقه كوجبة شبابية جديدة.
الأسعار وأسباب الانتشار برغر الجراد
اللافت أن “برغر الجراد” يأتي بتكلفة منخفضة نسبياً. إذ غالباً ما يباع بسعر يقارب 7.5 ريال سعودي، وهو سعر أقل بكثير مقارنة بوجبات البرغر التقليدية من العلامات التجارية الشهيرة. كما أن الجراد متوافر بكثرة خلال مواسم معينة. مما جعله خياراً اقتصادياً في ظل ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية المستوردة. على وسائل التواصل الاجتماعي. بدأ سعوديون يشاركون تجاربهم بشراء أكياس الجراد (يصل عددها إلى 100 حبة بسعر نحو 50 ريال)، وتحويلها إلى وجبات منزلية أو تسويقها على شكل “برغر الجراد” باعتباره بديلاً محلياً طبيعياً.
بين التراث الشعبي والتجديد العصري
هذا الابتكار لم يأت من فراغ. فالجراد جزء من الثقافة الغذائية القديمة في الجزيرة العربية. إذ تشير الروايات التاريخية إلى أن استهلاكه يعود إلى زمن النبي محمد ﷺ، حيث ورد أنه كان مباحاً شرعاً. لهذا يرى مؤيدو الفكرة أن “برغر الجراد” ليس إلا امتداداً للتراث ولكن بلمسة عصرية، تحاول إعادة تعريف المألوف بطريقة تلائم الأجيال الجديدة. بعضهم يعتبره تجسيداً لفكرة “العودة إلى الجذور” مع تحديث الشكل والطريقة، تماماً كما حدث مع أطباق شعبية أخرى تم تطويرها لتناسب أذواق الشباب.
الجدل الصحي والتحذيرات
رغم ذلك، يظل الجدل قائماً. فهناك فئة ترى أن الجراد ارتبط تاريخياً بظروف الفقر ونقص الغذاء. وأن الاعتماد عليه الان غير ضروري في ظل تنوع الأطعمة المتاحة. وإلى جانب ذلك، حذر خبراء تغذية من خطورة استهلاك الجراد الذي قد يكون تعرض لمبيدات حشرية. فحتى بعد الطهي، قد تبقى بقايا المواد الكيميائية في جسم الحشرة. ما يشكل خطراً على صحة المستهلكين.
هل يتحول الجراد إلى وجبة عصرية؟
يبقى “برغر الجراد” بين طرفي نقيض فالبعض يراه ابتكاراً جريئاً يعكس روح التجديد والقدرة على توظيف الموارد المحلية، فيما يراه اخرون مبالغة غير ضرورية قد تثير الاشمئزاز أكثر مما تثير الشهية. لكن المؤكد أن هذه الظاهرة أثارت اهتماماً واسعاً، وأصبحت حديث منصات التواصل الاجتماعي، بين من يلتقط الصور لساندويش الجراد ويتباهى بتجربته. ومن يرفض مجرد فكرة تذوقه. ويبدو أن مستقبل “برغر الجراد” في السعودية سيتحدد بين خيارين. إما أن يظل مجرد صيحة موسمية مرتبطة بموسم الجراد، أو أن يترسخ كجزء من المشهد الغذائي العصري في المملكة، حيث يلتقي التراث الشعبي بروح الحداثة.