يجسد ياسر بن عثمان الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، نموذجًا للقيادة الاستثنائية التي تقف في قلب التحول الاقتصادي الجذري الذي تشهده المملكة العربية السعودية ضمن إطار “رؤية 2030”.
يأتي ذلك بفضل سجل حافل يمتد لأكثر من 25 عامًا في القطاع المالي والمصرفي والاستثماري، إذ أصبح مهندسًا استراتيجيًا يقود دفة الاستثمارات السيادية للمملكة نحو آفاق عالمية جديدة، مرسخًا مكانته كأحد أكثر الشخصيات التنفيذية تأثيرًا في الساحة الاقتصادية الدولية.
إنجازات صندوق الاستثمارات العامة بقيادة ياسر الرميان
منذ توليه منصب محافظ صندوق الاستثمارات العامة في سبتمبر 2015م، شهد الصندوق السيادي للمملكة تحولًا نوعيًا وغير مسبوق.
في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، قاد “الرميان” جهودًا حثيثة لتحويل الصندوق من كيان استثماري تقليدي إلى “محرك للاقتصاد السعودي” وذراع استثماري عالمي نشط.
يهدف الصندوق، الذي يعد ركيزة أساسية في تحقيق رؤية 2030، إلى زيادة حجم الأصول تحت الإدارة وتنويع استثمارات المملكة محليًا وعالميًا، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
تحت قيادته، ضخ الصندوق تريليونات الريالات في مشاريع عملاقة محورية تعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية للمملكة. بما في ذلك مشاريع المستقبل الطموحة، مثل: نيوم، ومشروع تطوير البحر الأحمر، ومركز الترفيه والسياحة القدية.
هذه الاستثمارات المحلية تهدف إلى خلق قطاعات جديدة، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل وتوطين التقنيات المتقدمة.
على الصعيد الدولي، لم يغفل “الرميان” أهمية تعزيز الحضور العالمي للصندوق. فقد أبرم الصندوق استثمارات استراتيجية ضخمة. بما في ذلك حصص بشركات تكنولوجية رائدة، مثل أوبر تكنولوجيز.
علاوة على مساهمات في صناديق استثمار عملاقة، مثل مجموعة سوفت بنك، واستثمارات في قطاعات عالمية متنوعة، كالطاقة المتجددة والبنية التحتية.
هذه الاستثمارات لم تحقق عوائد مالية فحسب، بل سهلت نقل المعرفة والخبرات الدولية إلى السوق السعودية.
عرش الطاقة العالمية.. رئاسة أرامكو والطرح الأكبر
تعد رئاسة مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، التي شغلها منذ أغسطس 2019، نقطة محورية أخرى تبرز ثقل “الرميان” وموقعه في الاقتصاد العالمي.
إذ تعد أرامكو واحدة من أكبر شركات النفط والغاز المتكاملة في العالم من حيث القيمة السوقية.
وجاء تولي “الرميان” هذا المنصب في مرحلة حاسمة سبقت الطرح الأولي العام التاريخي للشركة (IPO)، الذي عُد الأكبر في التاريخ؛ ما يؤكد الثقة في قدراته على إدارة تحديات وضخامة شركة بحجم أرامكو في سياق تحولات سوق الطاقة العالمية.
كما يظهر الجمع بين منصب محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئاسة مجلس إدارة أرامكو مدى تركيز السلطة الاقتصادية والاستثمارية في يدي شخصية واحدة؛ ما سهل التنسيق بين استراتيجيات تنويع الاقتصاد (عبر PIF) وإدارة الثروة النفطية الأساسية (عبر أرامكو) لتحقيق الأهداف الكبرى لرؤية 2030.
من التعدين إلى الرياضة والطيران
لا تقتصر دائرة تأثير “الرميان” في قطاعي الطاقة والاستثمار السيادي فحسب، بل تمتد لتشمل قطاعات حيوية أخرى تقودها رؤية 2030، نحو التنويع.
ويترأس “الرميان” مجلس إدارة شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، أكبر شركة تعدين في المملكة، وهو قطاع يعول عليه ليكون الركيزة الصناعية الثالثة للاقتصاد السعودي.
كما يقف وراء تأسيس وقيادة قطاع الطيران الجديد من خلال رئاسة مجلس إدارة شركة طيران الرياض، التي تأسست في مارس 2023.
هذه الشركة الوطنية الجديدة تهدف إلى جعل الرياض بوابة عالمية ومركزًا لوجستيًا. ما يعزز من مكانة المملكة كمركز عالمي للنقل والسياحة.
كذلك تبرز بصمته الواضحة في المجال الرياضي العالمي من خلال توليه منصب الرئيس غير التنفيذي لمجلس إدارة نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، منذ أكتوبر 2021. بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على النادي.
هذا الاستثمار يمثل جزءًا من استراتيجية أوسع للصندوق للاستثمار في قطاع الرياضة والترفيه. ويعكس الاهتمام المتزايد للمملكة بالقوة الناعمة والتأثير العالمي في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، يشغل “الرميان” منصب رئيس الاتحاد السعودي للجولف، ويشرف على دوري المحترفين “LIV Golf”. ما يؤكد اهتمامه الشخصي والمؤسسي باللعبة كأداة لتعزيز السياحة والترفيه والمكانة الدولية للمملكة.
المسيرة والتعليم
ولد ياسر الرميان في مدينة بريدة عام 1970، ويتمتع بخلفية أكاديمية ومهنية متينة هيأت له هذه المناصب القيادية الرفيعة.
كما حصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة من جامعة الملك فيصل عام 1993. وهي شهادة أسست لقدراته المالية.
وعزز مسيرته بتخرجه من برنامج الإدارة العامة في كلية هارفارد للأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2007. وهو ما منحه منظورًا دوليًا معمقًا في القيادة والإدارة الاستراتيجية.
قبل توليه مهام قيادة الصندوق، شغل “الرميان” مناصب قيادية في قطاع التمويل والاستثمار المصرفي. بما في ذلك مناصب لدى مؤسسات مالية كبرى، مثل: بنك ساب (SABB) وبنك HSBC السعودية.
وشغل منصب الرئيس التنفيذي وعضوية مجلس الإدارة في “السعودي الفرنسي كابيتال”، وعضوية مجلس إدارة تداول (سوق الأوراق المالية السعودية). ما وفر له خبرة واسعة تمتد لأكثر من 25 عامًا في خبايا الأسواق المالية المحلية والعالمية.
التأثير والتصور المستقبلي
علاوة على أدواره التنفيذية، يتمتع “الرميان” بثقل سياسي واستشاري، فهو مستشار بمرتبة وزير في الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وعضو في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية (CEDA) -المجلس الذي يشرف على تطبيق “رؤية 2030”-؛ ما يجعله ضمن الدائرة الضيقة لصناع القرار الاستراتيجي في المملكة.
كما يعزز تواجده في مجالس إدارات عالمية مرموقة، مثل: مجموعة سوفت بنك، وشركة ريلاينس إندستريز المحدودة (الهند)، وشركة أوبر تكنولوجيز. من شبكة علاقاته وقدرته على استقطاب الاستثمارات والشراكات العالمية.
ويعد “الرميان” حليفًا مقربًا من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان. وهو ما يفسر دوره المحوري في تنفيذ برامج ومبادرات “رؤية المملكة 2030”.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية المستمرة والسعي السعودي لتحقيق أهداف التنويع الطموحة، يظل ياسر الرميان الشخصية الرئيسة التي توازن بين إدارة الثروة النفطية الهائلة وتوجيهها نحو استثمارات مستقبلية مستدامة. بما يضمن استمرار زخم التحول الاقتصادي للمملكة العربية السعودية ويزيد من تأثيرها في الساحة العالمية.
كذلك وجوده على قوائم الشخصيات التنفيذية الأكثر تأثيرًا عالميًا في مجال الاستثمار ليس مجرد اعتراف بجهوده، بل هو تأكيد على أن القرارات الاستثمارية للمملكة. تحت قيادته، باتت تحرك الأسواق العالمية وتشكل ملامح الاقتصاد المستقبلي.