منذ أيام قليلة مضت بدأت عملية الفحص النافي للجهالة من قبل بنك الإمارات دبي الوطني لبنك القاهرة، ثالث أكبر بنك حكومي في مصر، مما يشير إلى تقدم محتمل في صفقة استحواذ كبيرة. يثير هذا التطور تساؤلات حول عدالة تقييم بنك القاهرة الذي يقدر بنحو 2.7 مليار دولار أمريكي.
ما هو الفحص النافي للجهالة؟
تجدر الإشارة إلى أن الفحص النافي للجهالة (Due Diligence) هو عملية تدقيق وتقييم شاملة تقوم بها المؤسسات المالية قبل إتمام صفقات البيع أو الشراء. يهدف هذا الفحص إلى التحقق من صحة المعلومات المالية والقانونية للطرف المستهدف، وتقييم المخاطر المحتملة، والتأكد من أن الصفقة تتوافق مع الأهداف الاستراتيجية للمشتري.
1.2 مليار دولار مقابل 45% من الأسهم
تشير مصادر مطلعة إلى أن قيمة الصفقة المحتملة تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار أمريكي، وذلك مقابل شراء بنك الإمارات دبي الوطني لحصة تبلغ 45% من أسهم بنك القاهرة. وبناءً على هذه القيمة، فإن التقييم الكامل لبنك القاهرة يصل إلى نحو 2.7 مليار دولار أمريكي.
عوامل متعددة تحدد قيمة البنوك
يثير هذا التقييم تساؤلات حول ما إذا كان هذا السعر عادلاً لبنك بحجم وأهمية بنك القاهرة. حيث أن عملية تقييم البنوك هي عملية معقدة تعتمد على العديد من العوامل، يأتي في مقدمتها التقييم المالي، بالإضافة إلى تقييم حجم الحصة السوقية للبنك، ومدى اعتماده على التكنولوجيا الحديثة، وطبيعة عملياته ونشاطاته المختلفة، وغيرها من العوامل النوعية.
2.7 مليار دولار قيمة بنك القاهرة.. الإمارات دبي الوطني يبدأ الفحص النافي للجهالة
التقييم المالي: طريقة خصم التدفقات النقدية
بالنسبة للتقييم المالي للبنك، هناك عدة طرق علمية تستخدم في هذا المجال. من بين هذه الطرق طريقة خصم التدفقات النقدية (Discounted Cash Flow – DCF)، والتي تعتمد على تقدير الأرباح المستقبلية للبنك ثم خصمها للوصول إلى قيمتها الحالية. وفي هذا السياق، أعلن بنك القاهرة عن قفزة كبيرة في أرباحه خلال العام الماضي بلغت نسبتها 86%، لتصل إلى 12.4 مليار جنيه مصري. هذا النمو القوي في الأرباح قد يشير إلى إمكانية تحقيق تدفقات نقدية مستقبلية قوية، مما قد يدعم التقييم الحالي للبنك.
التقييم عبر المضاعفات
هناك طريقة أخرى لتقييم البنوك وهي طريقة المضاعفات (Multiples)، والتي تعتمد على مقارنة سعر سهم البنك مع مؤشرات مالية أخرى مثل الأرباح أو الإيرادات. إلا أن هذه الطريقة لا يمكن تطبيقها بشكل مباشر على بنك القاهرة لأنه غير مدرج في البورصة المصرية، وبالتالي لا يوجد سعر محدد لسهمه في السوق.
نظرة على أصول والتزامات بنك القاهرة
تعتبر طريقة حساب صافي قيمة الأصول (Net Asset Value – NAV) طريقة أخرى لتقييم البنوك، وذلك عن طريق خصم إجمالي الالتزامات من إجمالي الأصول. وفقاً للبيانات المعلنة، يبلغ إجمالي التزامات بنك القاهرة نحو 8.7 مليار دولار أمريكي، تتضمن ودائع العملاء التي تقدر بنحو 7 مليارات دولار أمريكي. أما إجمالي قيمة الأصول التي أعلن عنها البنك بنهاية عام 2024 فقد بلغت 9.6 مليار دولار أمريكي. وبحساب صافي قيمة الأصول بناءً على هذه الأرقام، نجد أنها تقارب 900 مليون دولار أمريكي (9.6 مليار دولار – 8.7 مليار دولار).
عوامل أخرى تؤثر على تقييم البنك
من المهم الإشارة إلى أن قيمة الأصول المذكورة هي القيمة الدفترية لهذه الأصول، وقد تختلف عن قيمتها السوقية الفعلية. فالقيمة السوقية تأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل قوة العلامة التجارية للبنك، وحصته السوقية، وجودة قاعدة عملائه، وإمكانات نموه المستقبلية.
هل نشهد حسم صفقة البيع أو طرحاً في البورصة؟
يبقى السؤال قائماً حول ما إذا كان التقييم الحالي لبنك القاهرة يعكس قيمته العادلة في السوق. ستكشف نتائج الفحص النافي للجهالة الذي يقوم به بنك الإمارات دبي الوطني المزيد من التفاصيل حول الوضع المالي والقانوني للبنك، وقد تؤثر هذه النتائج على قرار البنك الإماراتي بشأن إتمام الصفقة.
بينما يترقب المراقبون عن كثب ما ستسفر عنه هذه المفاوضات، وهل سنشهد قريباً الإعلان عن حسم صفقة بيع حصة من بنك القاهرة، أو ربما تتجه الحكومة المصرية إلى طرح حصة أخرى من البنك في البورصة المصرية لجذب استثمارات متنوعة، أو ربما يتم الجمع بين الخيارين في المستقبل.