شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً خلال تداولات اليوم الأربعاء، مدعومة ببيانات حكومية أمريكية أظهرت انخفاضاً في مخزونات الوقود. إلا أن قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير حد من قدرة الأسعار على تحقيق مكاسب أكبر.
أسعار النفط .. برنت وغرب تكساس الوسيط يسجلان ارتفاعاً متواضعاً
عند الإغلاق، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 22 سنتاً، أو ما يعادل 0.31%، لتصل إلى 70.78 دولار للبرميل. كما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 26 سنتاً، أو 0.39%، لتغلق عند مستوى 67.16 دولار للبرميل.
تراجع كبير في مخزونات نواتج التقطير يعوض ارتفاع مخزونات الخام
أظهرت البيانات الصادرة عن الحكومة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة قد ارتفعت بمقدار 1.7 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 437 مليون برميل، وهو ما تجاوز توقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 512 ألف برميل. وعلى النقيض من ذلك، انخفضت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، بشكل ملحوظ بواقع 2.8 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 114.8 مليون برميل، متجاوزة بذلك التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 300 ألف برميل فقط. وقد يكون هذا الانخفاض الكبير في مخزونات الوقود هو الدافع الرئيسي وراء الارتفاع الطفيف في أسعار النفط.
استئناف العمليات الإسرائيلية في غزة وتصاعد التوتر في البحر الأحمر تؤثر على أسعار النفط
على صعيد آخر، عادت التوترات الجيوسياسية لتلقي بظلالها على الأسواق. فقد استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في وسط وجنوب قطاع غزة، وذلك بعد يوم من الإعلان عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني في غارات جوية، وهو ما أدى إلى انهيار وقف إطلاق النار المؤقت، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع. بالإضافة إلى ذلك، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع بمواصلة الهجمات الأمريكية على جماعة الحوثيين في اليمن، وأكد أنه سيحمّل إيران مسؤولية أي هجمات تنفذها الجماعة وتؤدي إلى تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر. هذه التطورات تثير مخاوف بشأن إمدادات النفط واحتمالية ارتفاع الأسعار.
قرار الاحتياطي الفيدرالي تثبيت أسعار الفائدة يحد من ارتفاع أسعار النفط
في المقابل، أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة ثابتة في نطاق 4.25-4.50 بالمئة كما كان متوقعاً على نطاق واسع. وعلى الرغم من ذلك، أشارت تصريحات صانعي السياسات إلى أنهم ما زالوا يتوقعون خفض تكاليف الاقتراض بمقدار نصف نقطة مئوية بنهاية هذا العام، وذلك في ظل توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي والتقدم في السيطرة على التضخم. قرار الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة قد يكون قد حد من مكاسب أسعار النفط، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة عادة ما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وبالتالي انخفاض الطلب على النفط.
بينما لا تزال المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد العالمي تلقي بظلالها على أسعار النفط. فقد أثارت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على كندا والمكسيك والصين مخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي، وهو ما قد يؤثر سلباً على الطلب على النفط ويؤدي إلى انخفاض الأسعار.
آمال بعودة النفط الروسي إلى الأسواق
يراقب المستثمرون أيضاً عن كثب التطورات المتعلقة بمحادثات وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقد وافقت روسيا على اقتراح الرئيس ترامب بأن تتوقف موسكو وكييف مؤقتاً عن مهاجمة البنية التحتية للطاقة لكل منهما، وهي خطوة يقول محللون إنها تزيد من فرص السلام وعودة النفط الروسي إلى الأسواق العالمية.
في حال التوصل إلى اتفاق سلام دائم في أوكرانيا، فمن المرجح أن يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تزيد صادرات الطاقة الروسية بشكل ملحوظ، وذلك بسبب العقوبات المفروضة على روسيا والبنية التحتية المتضررة.
تعتبر روسيا من أكبر موردي النفط في العالم، ولكن إنتاجها من النفط قد تراجع بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وذلك نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على قطاع الطاقة الروسي.
سوق النفط يتأثر بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية
تتأثر أسعار النفط حالياً بمزيج معقد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية. فبينما تدعم بيانات المخزونات الأمريكية المنخفضة الأسعار، تحد قرارات الفائدة الأمريكية والمخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي من تحقيق مكاسب كبيرة. كما أن التوترات الجيوسياسية المستمرة في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط وأوكرانيا، تزيد من حالة عدم اليقين في السوق.