تشير أحدث البيانات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد زخماً متزايداً في نشاط الاندماج والاستحواذ. في وقت تتراجع فيه الصفقات عالمياً بسبب التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف التمويل. ووفق تقرير “إرنست آند يونغ” حول رؤى الاندماج والاستحواذ، بلغ عدد الصفقات في النصف الأول من عام 2025 نحو 425 صفقة بقيمة 58.7 مليار دولار. بزيادة 31 بالمئة في العدد و19 بالمئة في القيمة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
الإمارات مغناطيس لرأس المال العالمي
تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية المشهد الاستثماري. حيث اجتذبتا استثمارات بقيمة 27.9 مليار دولار. ويشير التقرير إلى أن الإمارات لعبت دور “المغناطيس لرأس المال العالمي”، مدعومةً ببيئة تنظيمية مستقرة ورؤية واضحة للتنويع الاقتصادي. فقد ارتفع نشاط الصفقات الوافدة إليها بنسبة 53 بالمئة. بينما استحوذت وحدها على 50 بالمئة من إجمالي عدد الصفقات و98 بالمئة من قيمتها الإجمالية،
أي ما يعادل 21.5 مليار دولار في النصف الأول من 2025.
توسع خارجي مدفوع بالصناديق السيادية
لم يقتصر نجاح الإمارات على الداخل، بل امتد إلى الخارج عبر 126 صفقة بقيمة 24.4 مليار دولار. وسجلت الإمارات والسعودية معاً 87 بالمئة من القيمة الإجمالية لهذه الصفقات الخارجية. بفضل الدور المحوري لصناديق الثروة السيادية والكيانات المرتبطة بالحكومة مثل جهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة وصندوق الاستثمارات العامة السعودي. وساهمت هذه الصناديق وحدها بـ 21 مليار دولار عبر 54 صفقة استهدفت قطاعات حيوية أبرزها الكيماويات والتكنولوجيا والصناعات.
صفقات عابرة للحدود عند أعلى مستوى في 5 سنوات
أظهر التقرير أن الصفقات عبر الحدود وصلت إلى ذروة غير مسبوقة منذ خمس سنوات. مستحوذةً على 55 بالمئة من عدد الصفقات و78 بالمئة من قيمتها البالغة 45.9 مليار دولار. وشكل قطاعا الكيماويات والتكنولوجيا نحو 67 بالمئة من هذه القيمة. ومن أبرز الأمثلة استحواذ “بورياليس إيه جي” و”أو إم في” على حصة في “بروج” بقيمة 16.5 مليار دولار. إضافة إلى استحواذ “أدنوك” و”أو إم في” على شركة “نوفا كيميكالز” الكندية.
عوامل اقتصادية وتنظيمية وراء النجاح
الخبير الاقتصادي حسين القمزي أوضح في تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الإمارات برزت كاستثناء عالمي بفضل مزيج من العوامل الاقتصادية والتنظيمية. فقد سجلت القطاعات غير النفطية نمواً تجاوز 6 بالمئة في عام 2023. مع تدفقات قوية من عوائد الطاقة والسيولة السيادية التي عززت قدرة الشركات على تمويل الصفقات. كما أن الإصلاحات الحكومية. مثل تحرير الملكية الأجنبية وغياب ضريبة الأرباح الرأسمالية، أسهمت في توفير بيئة قانونية جاذبة للمستثمرين. وأكد القمزي أن الدور الاستراتيجي للصناديق السيادية كان عاملاً حاسماً في تعزيز هذا الزخم. ما جعل الإمارات واحدة من أكثر الأسواق جاذبية على مستوى العالم في مجال الاندماجات والاستحواذات، رغم التحديات الاقتصادية العالمية