في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه روسيا، من تباطؤ النمو إلى تداعيات العقوبات الغربية وتكاليف الحرب، كشف مسؤول بارز في البنك المركزي الروسي أن المؤسسة قد تقدم على خفض سعر الفائدة الرئيسي، البالغ حالياً 18%، إذا واصل التضخم تراجعه بشكل أسرع من المتوقع. ومع ذلك، أكد أن إبقاء المعدل عند مستوياته الحالية يظل احتمالاً قائماً لضمان استقرار الأسعار بشكل مستدام.
تصريحات غانغان: بين الحذر والتفاؤل
أندريه غانغان، رئيس قسم السياسة النقدية في البنك المركزي الروسي، قال في مقابلة مع صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الحكومية إن التوقعات الأساسية تشير إلى معدل تضخم يتراوح بين 6% و7% في عام 2025، على أن يتراجع إلى 4% في السنوات اللاحقة، وهو الهدف الرسمي للمركزي.
وأشار غانغان إلى أن متوسط سعر الفائدة الرئيسي سيتراوح بين 16.3% و18% في الفترة من أغسطس حتى ديسمبر من العام الجاري، على أن يتراجع إلى ما بين 12% و13% في العام المقبل، لكن ذلك يظل رهناً بسرعة تباطؤ التضخم.
خفض الفائدة ليس مضموناً
ورغم الإشارات الإيجابية، أوضح غانغان أن خفض سعر الفائدة هذا العام “ليس أمراً مفروغاً منه”، مؤكداً أن توقعات البنك لم تستبعد إبقاء المعدل عند 18% حتى نهاية العام، في حال لم يتراجع التضخم بالوتيرة الكافية. وأضاف: “لا تزال مخاطر التضخم قائمة، بما في ذلك المخاطر الجيوسياسية، وسنتخذ قراراتنا المستقبلية بحذر بناءً على المعلومات الواردة.”
مواجهة التضخم: صراع مستمر
البنك المركزي الروسي حافظ على أسعار فائدة مرتفعة لفترة طويلة في محاولة لخفض التضخم نحو هدفه البالغ 4%.
ووفق بيانات رسمية، تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك إلى 8.79% في يوليو بعد أن كان 9.40% في يونيو.
ما يعكس بعض الانفراج، لكنه ما زال بعيداً عن المستويات المستهدفة.
توقعات الأسر تثير القلق
التحدي الأكبر أمام البنك يتمثل في توقعات المستهلكين, فقد أظهرت بيانات أن توقعات التضخم بين الأسر الروسية للعام المقبل ارتفعت إلى 13.5% في أغسطس مقابل 13% في يوليو.
وهو ما يعكس فقدان الثقة في قدرة السياسة النقدية وحدها على كبح جماح الأسعار.
ضغوط إضافية على المالية العامة
يتزامن الجدل حول أسعار الفائدة مع إعلان الحكومة الروسية خططاً لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب لمواجهة عجز الموازنة وتكاليف الحرب.
هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي، لكنها تظل ضرورية لتحقيق التوازن المالي ودعم الاستقرار النقدي.
مستقبل السياسة النقدية
يرى خبراء اقتصاديون أن البنك المركزي الروسي أمام خيارين صعبين: إما خفض الفائدة لدعم الاستثمار والطلب المحلي مع مخاطر عودة التضخم للارتفاع.
أو الإبقاء على المعدلات المرتفعة لفترة أطول ما قد يضغط على النمو الاقتصادي ويزيد تكاليف الاقتراض على الشركات والأسر.
وفي كلتا الحالتين، سيظل التضخم والتطورات الجيوسياسية عوامل حاسمة في تحديد مسار السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة.