الصين تجذب عشرات الآلاف من الشركات الأجنبية رغم تراجع الاستثمارات المباشرة

أعلنت وزارة التجارة في الصين أن عدد الشركات ذات الاستثمار الأجنبي الجديدة في البر الرئيسي بلغ 42.435 ألف شركة خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025، وهو ما يمثل زيادة سنوية قدرها 14.8%.

ورغم هذا النمو اللافت في تأسيس الشركات، فإن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة قيد الاستخدام الفعلي انخفض بنسبة 12.7% ليصل إلى 506.58 مليار يوان (71.22 مليار دولار)، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفق بيانات وكالة أنباء الصين الجديدة “شينغوا”.

التصنيع والخدمات في الصدارة

أظهرت البيانات أن الاستثمارات الأجنبية تركزت بشكل رئيسي في قطاعي التصنيع والخدماتز حيث استقطب التصنيع 129.03 مليار يوان، بينما حصلت صناعة الخدمات على النصيب الأكبر عند 366.19 مليار يوان. ويبرز هذا التوجه اعتماد الاقتصاد الصيني على قاعدة صناعية قوية، مدعومة بقطاع خدمات متنامٍ يسهم في تعزيز النمو والاستقرار.

قفزة في القطاعات عالية التقنية

اللافت أن الاستثمارات في القطاعات عالية التقنية سجلت 148.28 مليار يوان خلال الفترة، مع تحقيق نمو استثنائي في بعض المجالات. فقد ارتفع الاستثمار في خدمات التجارة الإلكترونية بنسبة 169.2%. وفي صناعة معدات الفضاء بنسبة 37.5%، وفي الأدوية الكيمياوية بنسبة 32.2%، إلى جانب زيادة بنسبة 19.2% في صناعة الأدوات الطبية. هذا الاتجاه يعكس رغبة المستثمرين في التوجه نحو قطاعات المستقبل ذات العوائد المرتفعة والمكانة الاستراتيجية.

تنوع مصادر التمويل الخارجي في الصين

من جانب اخر، ارتفعت تدفقات الاستثمارات القادمة من عدة دول كبرى. أبرزها اليابان التي سجلت زيادة قدرها 58.9%، تليها سويسرا بنسبة 37.2%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 24.5%. كما سجلت سنغافورة زيادة طفيفة بنسبة 1.8%. هذا التنوع في مصادر رؤوس الأموال يؤكد أن السوق الصيني لا يزال نقطة جذب رئيسية للاقتصادات العالمية.

دلالات المشهد الاستثماري

يرى محللون أن تزايد أعداد الشركات الجديدة يعكس ثقة متزايدة لدى المستثمرين في بيئة الأعمال الصينية، حتى وإن تراجع حجم الاستثمار المباشر. فالنمو في تسجيل الكيانات الجديدة يعني استعداد الشركات للدخول إلى السوق واستكشاف الفرص المتاحة. كما أن التوسع في مجالات التكنولوجيا والابتكار ينسجم مع التوجهات الاستراتيجية للصين نحو بناء اقتصاد أكثر تقدمًا وتنافسية عالميًا.

افاق المرحلة المقبلة في الصين

تؤكد هذه المؤشرات أن الصين لا تزال تحافظ على جاذبيتها الاستثمارية، رغم الضغوط الاقتصادية الدولية وتباطؤ النمو العالمي. ويتوقع أن تتبنى الحكومة مزيدًا من الحوافز والإصلاحات التنظيمية لجذب المستثمرين الأجانب، خاصة في القطاعات عالية القيمة، وهو ما قد يعزز من مكانة الصين كوجهة استثمارية عالمية رائدة خلال السنوات القادمة.