تتزايد رهانات المستثمرين في سوق الفضة مع ترقب قفزة كبيرة قد تحدث تحول جذري في السوق. وذلك بعد أن كسرت الفضة حاجز 30 دولارًا للأوقية لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، واستقرت قريبًا من مستوى 32 دولارًا. ويعزز هذا الاتجاه تفاؤل كبار البنوك الاستثمارية، التي تتوقع وصول سعر الفضة إلى مستويات تاريخية خلال العامين المقبلين.
ترجح مؤسسات مالية عالمية مثل بنك أوف أميركا وجيه بي مورجان وساكسو بنك وتي دي سيكيوريتيز. أن تبلغ أسعار الفضة 40 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، بينما يتوقع سيتي بنك أن تصل هذه الأسعار في وقت أبكر، مع نهاية عام 2025، مدفوعة بجملة من العوامل المتسارعة.
ما وراء توقعات الصعود؟
كان عام 2024 عامًا لافتًا للفضة، إذ قفزت أسعارها بنحو 40% خلال عشرة أشهر فقط. ويعود هذا الأداء الاستثنائي إلى تزايد الطلب الصناعي. خاصة من قطاع الطاقة الشمسية، الذي يتوقع أن يستهلك نحو 30% من الإنتاج العالمي للفضة بحلول عام 2030. ويستخدم ما يقارب 20 جرامًا من الفضة في كل لوح شمسي، ما يربط نمو هذا القطاع مباشرة بارتفاع الطلب على المعدن.
كما تساهم السيارات الكهربائية في دعم هذا الاتجاه، نظرًا للاستخدام المكثف للفضة في أنظمتها الكهربائية. مما يجعلها عنصرًا أساسياً في مستقبل التكنولوجيا المستدامة.
على الصعيد المالي، يتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة بخفض أسعار الفائدة في 2025. وهو عامل يصب في صالح الفضة وغيرها من المعادن الثمينة، حيث يقلل من جاذبية الأصول المدرة للعائد مثل السندات. ويزيد من إقبال المستثمرين على الأصول الحافظة للقيمة.
الفضة بين الفرص والمخاطر
من أبرز التطورات التي لفتت الأنظار دخول روسيا إلى سوق الفضة كلاعب جديد. بعد إعلانها خطة لشراء ما يقارب 535 مليون دولار من الفضة على مدى ثلاث سنوات، في خطوة نادرة تعكس اعترافًا بدور الفضة كمخزن للقيمة إلى جانب الذهب.
وفي المقابل، يعاني جانب المعروض من ضغوط متزايدة، إذ يسجل سوق الفضة عجزًا سنوياً منذ عام 2021. وتشير بيانات معهد الفضة الأميركي إلى أن هذا العجز بلغ نحو 184 مليون أوقية في عام 2023. ومن المرجح أن يستمر النقص في 2025 نتيجة لانخفاض إنتاج المناجم الأساسية، واعتماد السوق بشكل كبير على الفضة المستخرجة كمنتج ثانوي من معادن أخرى.
ورغم أن سوق الفضة يعرف بتقلباته الحادة، فإن كثيرًا من البنوك الاستثمارية ترى أن الظروف الحالية توفر فرصة نادرة للاستثمار. بفضل التقاء ثلاثة عوامل رئيسية: الطلب الصناعي القوي، والسياسات النقدية التيسيرية، والعجز المستمر في المعروض.

المعدن الفضي
مستقبل أسعار الفضة حتى 2026
تشير معظم التقديرات إلى أن الفضة تتحول تدريجياً إلى أصل استثماري مستقل، ولم تعد مجرد تابع لحركة الذهب. ومع تداخل العوامل الصناعية والمالية والجيوسياسية، تتجه الأنظار إلى عامي 2025 و2026، اللذين قد يشهدا تغييرات جوهرية في ديناميكية سوق الفضة.
ويتوقع خبراء أن يكون المستثمرون الذين يبادرون بالدخول إلى السوق في الوقت الراهن في موقع مميز للاستفادة من هذه المرحلة التحولية. على أن تظل السياسات النقدية العالمية، واتجاهات الطلب الصناعي، والتطورات الجيوسياسية عوامل حاسمة في تحديد المسار المستقبلي لأسعار الفضة.