أطلق المغرب مبادرة استراتيجية طموحة تعرف بمبادرة الأطلسي، تهدف إلى ربط دول الساحل الإفريقي غير المطلة على البحر. مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بالمحيط الأطلسي عبر ممر تجاري ضخم تنطلق بنيته التحتية من إقليم الصحراء الغربية.
وتندرج هذه المبادرة ضمن رؤية شاملة يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، أعلن عنها في أواخر عام 2023. وتهدف إلى إحداث تحول جذري في اقتصادات المنطقة، بحسب تصريحاته الرسمية.
ميناء الداخلة.. ركيزة المشروع
يرتكز المشروع على إنشاء ميناء ضخم يعرف باسم ميناء الداخلة الأطلسي. في منطقة العركوب جنوب الصحراء الغربية، بتكلفة تقدر بنحو 1.3 مليار دولار، ومن المقرر أن يكتمل تنفيذه بحلول عام 2028. ويفترض أن يشكل هذا الميناء نقطة الانطلاق لمحور تجاري متكامل يربط دول الساحل بالأسواق العالمية عبر الساحل الأطلسي.
سياق جيوسياسي مضطرب
تأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه منطقة الساحل تقلبات سياسية وأمنية متزايدة. حيث أن شهدت مالي والنيجر وبوركينا فاسو سلسلة من الانقلابات العسكرية، غيرت توجهاتها السياسية وأضعفت علاقاتها التقليدية بفرنسا. فيما اتجهت نحو شراكات جديدة مع قوى مثل روسيا.
في ظل هذا الواقع، تسعى الرباط إلى ترسيخ موقعها كشريك موثوق لتلك الدول التي تواجه عزلة دولية متنامية عقب فرض عقوبات من الاتحاد الإفريقي ومنظمة إيكواس. وقد رحبت هذه الدول بالمبادرة، حيث وصف وزير خارجية النيجر المشروع بأنه هبة من السماء، مشيدًا بموقف المغرب الداعم في أوقات الشدة.
تحديات لوجستية وأمنية جسيمة
ورغم الطموحات الكبيرة، تواجه مبادرة الأطلسي تحديات إنشائية وأمنية معقدة. فالمشروع يتطلب تشييد آلاف الكيلومترات من الطرق والسكك الحديدية عبر مناطق صحراوية نائية. وهو ما قد يرفع التكلفة بنحو مليار دولار إضافية، بحسب تقديرات مركز الاستخبارات الاستراتيجية المغربي.
كما يبقى الطريق البري الذي يربط المغرب مرورًا بالصحراء الغربية إلى موريتانيا، عرضة لهجمات مسلحة تنفذها جبهة البوليساريو، ما يعزز من هشاشة الأمن في المنطقة.
ويحذر خبراء من أن نجاح المشروع لا يتوقف فقط على استكمال بنيته التحتية. بل أيضاً على القدرة على تأمين الممر وضمان استقراره السياسي، لتحويله من مشروع جيوسياسي إلى واقع اقتصادي مستدام يتطلب التزامات مالية طويلة الأجل وتعاونًا إقليمياً واسع النطاق.