إعداد: يارا زيدان – لبنى وليد
مع دخول فصل الصيف، يتربع البطيخ على عرش الأغذية المفضلة، لما يقدمه من انتعاش فريد وفوائد صحية جمة، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن قد يتحول هذا الخضار اللذيذ إلى مصدر للتسمم الغذائي، بسبب خطأ شائع في التعامل معه.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على الكنوز الغذائية للبطيخ، وتقديم إرشادات حيوية لضمان استهلاكه بأمان.
“كنوز البطيخ الغذائية” أكثر من مجرد ترطيب
البطيخ مرطب فائق بامتياز، يتكون من حوالي 92% ماء، مما يجعله خيارًا ممتازًا للحفاظ على رطوبة الجسم، خاصة في الأجواء الحارة وبعد النشاط البدني.
ولا يقتصر دوره على توفير السوائل فحسب، بل يمد الجسم أيضًا بالشوارد الكهربائية الأساسية، مثل: البوتاسيوم، الضروري للحفاظ على توازن السوائل.
هذا المزيج يجعله متفوقًا على الماء العادي في الترطيب، خاصة خلال فترات الحر الشديد أو المجهود البدني.
يعد البطيخ مصدرًا غنيًا بالفيتامينات والمعادن الأساسية. فهو مصدر ممتاز لفيتامين C، الذي يوفر كوبان منه 25% من القيمة اليومية الموصى بها.
وهو حيوي لوظيفة الجهاز المناعي، وإنتاج الكولاجين، ويساعد على امتصاص الحديد. كما يحوي فيتامين A (على هيئة بيتا كاروتين) المهم لصحة الجلد والعينين. وفيتامين B6، للذي يسهم في استقلاب البروتين والوظيفة المناعية.
أما البوتاسيوم، فهو ضروري لوظيفة الأعصاب وتوازن الماء، وقد يساعد على خفض ضغط الدم.
يبرز البطيخ كـ “قائد في الليكوبين”؛ حيث يحتوي على مستويات أعلى من الليكوبين مقارنة بأي فاكهة أو خضراوات طازجة أخرى.
هذا المضاد القوي للأكسدة مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان (مثل سرطان البروستاتا). وأمراض القلب، واضطرابات العين المرتبطة بالتقدم في العمر. وقد يوفر أيضًا حماية للبشرة من أضرار الأشعة فوق البنفسجية.
يسهم الليكوبين في مكافحة الإجهاد التأكسدي، الذي يعد سببًا جذريًا للعديد من الأمراض المزمنة وعمليات الشيخوخة، مما يعزز مرونة الخلايا بشكل عام.
كما يحتوي البطيخ أيضًا على السيترولين، وهو حمض أميني يتحول إلى أرجينين في الجسم، لتعزيز إنتاج أكسيد النيتريك الذي يؤدي إلى استرخاء الأوعية الدموية وانخفاض ضغط الدم.
وقد يسهم أيضًا في تقليل آلام العضلات بعد التمرين. بالإضافة إلى ذلك، يحسن البطيخ الهضم بفضل محتواه من الماء والألياف، التي تساعد مضادات الأكسدة فيه على منع الالتهابات والأضرار التأكسدية.
بينما تبلغ السعرات الحرارية في كوب واحد مقطع من البطيخ حوالي 46.2 سعرة حرارية، ويحتوي على 11.6 جرام من الكربوهيدرات، منها 9.6 جرام سكريات، و0.6 جرام ألياف.

تسمم البطيخ.. الوقاية تبدأ من غسل القشرة
الوقاية من التسمم الغذائي المرتبط بالبطيخ
يكمن الخطر الأساس الذي غالبًا ما يتم تجاهله في تقطيع البطيخ دون غسل قشرته الخارجية بالكامل.
فيما يمكن للسكين أن تنقل البكتيريا الضارة من السطح غير النظيف مباشرة إلى اللب الصالح للأكل.
كما يمكن أن تحمل القشرة بكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا، والإشريكية القولونية (E. coli)، والليستيريا. التي بمجرد دخولها إلى الخضراوات والفاكهة، يمكن أن تتكاثر بسرعة. خاصة إذا تُرك البطيخ المقطع في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة أو لم يتم تخزينه بشكل صحيح.
وتتعدد مصادر التلوث؛ حيث ينمو البطيخ بالقرب من سطح الأرض؛ ما يجعله عرضة للتلوث من التربة، والسماد غير المعالج، ومياه الري الملوثة، وحتى فضلات الحيوانات.
يمكن أن يحدث التلوث أيضًا أثناء الحصاد، والمناولة، والشحن إذا تم استخدام آلات أو معدات أو أدوات غير نظيفة.
وفي متاجر البقالة، يمكن أن يحدث التلوث المتبادل من خلال ملامسة الأطعمة الملوثة الأخرى أو الأسطح غير الصحية.
أما المنزل، فيمكن للأدوات أو ألواح التقطيع أو أسطح المطبخ غير النظيفة أن تنقل البكتيريا.
كذلك، يكمن الخطر في أن التلوث غالبًا ما يكون غير مرئي، وأن السطح الخشن والمشابك للبطيخ يوفر بيئة مثالية للبكتيريا للالتصاق والاختباء. وهذا يفسر سبب أهمية خطوة الغسيل والفرك للبطيخ بالذات. بخلاف الأطعمة المطبوخة التي تقتل الحرارة مسببات الأمراض فيها،
تُستهلك الخضراوات النيئة مثل البطيخ دون “خطوة قتل” للبكتيريا. إذا تُرك البطيخ المقطع في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين (أو ساعة واحدة إذا تجاوزت درجة الحرارة 32 درجة مئوية)، يمكن للبكتيريا أن تنمو وتتكاثر، مما يزيد بشكل كبير من خطر التسمم الغذائي.
علاوة على ذلك، يمكن للبكتيريا الموجودة على أسطح المنتجات أن تشكل أغشية حيوية، وهي تجمعات من الكائنات الدقيقة محاطة بمصفوفة واقية.
وتزداد قوة التصاق البكتيريا مثل الإشريكية القولونية على أسطح البطيخ بمرور الوقت، مما يجعل إزالتها أصعب بكثير، حتى مع الغسيل.
هذا يشير إلى أن غسل البطيخ الذي تُرك دون غسيل لأيام قد يكون أقل فاعلية من غسله فور إحضاره إلى المنزل.

تسمم البطيخ.. الوقاية تبدأ من غسل القشرة
دليلك الأساس للاستمتاع الآمن بالبطيخ
لضمان الاستمتاع بالبطيخ بأمان، يجب اتباع خطوات بسيطة ولكنها حاسمة في التحضير والتخزين:
أ. التحضير قبل التقطيع:
نظافة اليدين: اغسل يديك جيدًا بالماء والصابون، مدة 20 ثانية على الأقل قبل وبعد التعامل مع أي منتج غذائي.
الشطف الشامل: اشطف السطح الخارجي للبطيخ بالكامل تحت الماء الجاري، حتى لو كنت تنوي التخلص من القشرة.
فرك القشور الصلبة: استخدم فرشاة نظيفة مخصصة للمنتجات لفرك القشرة بلطف تحت الماء الجاري.
التجفيف الكامل: جفف السطح الخارجي للبطيخ بمنشفة قماش نظيفة أو منشفة ورقية. هذه الخطوة حاسمة لتقليل البكتيريا وإزالة الرطوبة التي يمكن أن تزدهر عليها البكتيريا.
تجنب المواد الضارة: لا تستخدم الصابون أو المنظفات أو محاليل التبييض أو غسول المنتجات التجارية على البطيخ.
ب. ممارسات التقطيع الآمنة:
أدوات نظيفة: استخدم سكينًا ولوح تقطيع نظيفين ومعقمين خصيصًا للمنتجات. تجنب استخدام نفس الأدوات للحوم النيئة أو الدواجن أو المأكولات البحرية لمنع التلوث المتبادل.
الفصل عن اللحوم النيئة: احتفظ بالفواكه والخضراوات منفصلة عن المنتجات الحيوانية النيئة في عربة التسوق، وأكياس البقالة، والثلاجة.
ج. التخزين الصحيح بعد التقطيع:
التبريد الفوري: بمجرد تقطيع البطيخ، ضع القطع في الثلاجة في أسرع وقت ممكن، ويفضل في غضون ساعتين.
إذا كانت درجة الحرارة المحيطة أعلى من 32 درجة مئوية، قم بتبريدها في غضون ساعة واحدة.
درجة الحرارة المثلى: تأكد من ضبط درجة حرارة الثلاجة على 4 درجات مئوية أو أقل لمنع نمو البكتيريا.
حاويات محكمة الإغلاق: خزن البطيخ المقطع في وعاء نظيف ومحكم الإغلاق.
مدة الصلاحية: يبقى البطيخ المقطع المخزن بشكل صحيح طازجًا في الثلاجة، مدة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أيام. تخلص منه إذا بدا طريًا، أو كانت رائحته غريبة، أو ظهرت عليه علامات العفن.

تسمم البطيخ.. الوقاية تبدأ من غسل القشرة
البطيخ والصحة من يحتاج إلى توخي الحذر؟
على الرغم من الفوائد الصحية العديدة للبطيخ، قد تحتاج بعض الفئات إلى توخي الحذر عند استهلاكه:
أ. إدارة مرض السكري
يحتوي البطيخ على سكريات طبيعية، ويتمتع بمؤشر جلايسيمي مرتفع نسبيًا (72-80)، مما يشير إلى أنه يمكن أن يرفع مستويات السكر في الدم بسرعة.
ومع ذلك، فإن الحمل الجلايسيمي له منخفض (5-8 لكل حصة) نظرًا لمحتواه العالي من الماء. لذا، يُعد استهلاك البطيخ باعتدال آمنًا لمرضى السكري، ويُنصح بتناوله مع أطعمة غنية بالدهون الصحية أو الألياف أو البروتين لإبطاء امتصاص السكر.
ب. الحساسيات الهضمية (مثل متلازمة القولون العصبي – IBS)
يُصنف البطيخ ضمن الفواكه الغنية بـ “الفودماب” (FODMAPs)، حيث يحتوي على مستويات عالية من الأوليغوساكاريدات، والفركتوز، والبوليولات.
هذه الكربوهيدرات القابلة للتخمر يمكن أن تثير أعراضًا، مثل: الانتفاخ والغازات وآلام البطن لدى الأفراد الذين يعانون من أنظمة هضمية حساسة، وخاصة المصابين بمتلازمة القولون العصبي.
ج. ردود الفعل التحسسية (متلازمة الحساسية الفموية – OAS)
قد يعاني بعض الأفراد من ردود فعل تحسسية تجاه البطيخ بسبب متلازمة الحساسية الفموية؛ إذ يخلط الجهاز المناعي بين البروتينات الموجودة في الفواكه النيئة والبروتينات المشابهة للتي في حبوب اللقاح.
تشمل الأعراض الشائعة الحكة أو التورم في الفم والوجه، وتظهر عادة فور تناول البطيخ النيء. يمكن أن يساعد طهي البطيخ أو تسخينه في الميكروويف على تقليل هذه التفاعلات.
د. أمراض الكلى والقلب (مخاوف البوتاسيوم)
بينما يعد البوتاسيوم مفيدًا لضغط الدم لدى الأفراد الأصحاء، يمكن الإفراط في تناوله أن يكون خطيرًا على بعض الفئات.
يحتوي البطيخ على كمية كبيرة من البوتاسيوم (170-320 ملليجرام لكل كوب/شريحة).
لذا؛ الأفراد المصابون بمرض الكلى المزمن المتقدم معرضون لخطر فرط بوتاسيوم الدم (ارتفاع البوتاسيوم في الدم)؛ لأن كليتيهم لا تستطيعان إفراز البوتاسيوم الزائد. وبالتالي، يجب على مرضى الكلى استشارة مقدم الرعاية الصحية أو متخصص التغذية لتحديد الكمية المناسبة لهم.
هـ. صحة الكبد: تصحيح المعلومات الخاطئة وتوضيح دور الليكوبين
على عكس بعض المعلومات غير الدقيقة، فإن الليكوبين، وهو مضاد أكسدة قوي موجود بكثرة في البطيخ، يلعب دورًا وقائيًا ومفيدًا في دعم صحة الكبد.
تساعد خصائص الليكوبين المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات على تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهاب في الكبد؛ ما يجعله إضافة قيمة لنظام غذائي صديق للكبد.
المصادر:
- Nutrition Facts and Health Benefits of Watermelon, https://www.watermelon.org/the-slice/nutrition-facts-and-health-benefits-of-watermelon/
- Watermelon Benefits: Juiced, Sliced, Or Grilled | The Well by Northwell, https://thewell.northwell.edu/healthy-living-fitness/watermelon-benefits
- Watermelon: Health benefits, nutrition, and risks – MedicalNewsToday, https://www.medicalnewstoday.com/articles/266886
- The wonders of watermelon – Mayo Clinic Health System, https://www.mayoclinichealthsystem.org/hometown-health/speaking-of-health/the-wonders-of-watermelon
- Is watermelon high in sugar for people with diabetes? Diet tips and nutrition, https://www.medicalnewstoday.com/articles/319849
- Supporting Liver Health With Watermelon, https://my.klarity.health/supporting-liver-health-with-watermelon/
- Watermelon Calories and Nutrition Facts – Healthline, https://www.healthline.com/nutrition/foods/watermelon
- What’s the GI of watermelon, and does it spike glucose levels? – Vively, https://www.vively.com.au/post/whats-the-gi-of-watermelon-and-does-it-spike-glucose-levels
- The #1 Watermelon Prep Mistake That Could Lead to Food Poisoning – Verywell Health, https://www.verywellhealth.com/watermelon-prep-food-poisoning-11758096
- Fruit and Vegetable Safety | FoodSafety.gov, https://www.foodsafety.gov/blog/fruit-and-vegetable-safety