شهدت الساحة السياسية الفرنسية تطوراً درامياً هزّ الأركان بإعلان قصر الإليزيه قبول استقالة رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو، بعد أقل من 24 ساعة، على تشكيل حكومته لتسجل هذه الاستقالة المفاجئة رقماً قياسياً كأسرع استقالة لرئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث وتدق ناقوس الخطر مجدداً بشأن حالة الشلل السياسي التي تعيشها البلاد.
تكرار للأزمة وتحديات الميزانية
جاءت حكومة لوكورنو الجديدة دون تغييرات جذرية في المناصب العليا وهو ما لم يلبِ مطالب أحزاب المعارضة استقالته هي حلقة جديدة في مسلسل الأزمات إذ كان قد تولى منصبه في 9 سبتمبر 2025 خلفاً لـ فرانسوا بايرو الذي سقطت حكومته في تصويت الثقة بالبرلمان بسبب خطته الطموحة لخفض العجز في الموازنة وقبل بايرو كان ميشيل بارنييه قد استقال للسبب ذاته.
تعكس هذه الاستقالات المتتالية عمق الضغوط السياسية والمالية التي تواجه الإدارة الفرنسية التحدي الأكبر يكمن في تمرير ميزانية عام 2026 وسط برلمان شديد الانقسام وهي ميزانية تتضمن تخفيضات غير شعبية في الإنفاق وزيادات ضريبية تعتبر ضرورية للسيطرة على أكبر عجز مالي في منطقة اليورو.
تداعيات الاستقالة السريعة على الأسواق
لم تقتصر تداعيات الاستقالة على المشهد السياسي فحسب بل امتدت لتنعكس سلباً على الأسواق المالية. معززة حالة عدم اليقين فقد عمّق مؤشر الأسهم الفرنسية الرئيسي كاك 40 خسائره لنحو 2% وانخفض اليورو أمام الدولار بنسبة 06%. كما قفز الفارق بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية لأجل عشر سنوات. إلى أعلى مستوى له منذ عام 2024 في دلالة واضحة على تزايد القلق الاقتصادي.
الرئيس ماكرون أمام خيارات صعبة
يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه الآن أمام مهمة بالغة التعقيد. اختيار سادس رئيس وزراء للحكومة في أقل من عامين شخصية قادرة على كسب ثقة. وأغلبية البرلمان المنقسم أو قد يضطر للجوء إلى حل آخر يتمثل في الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة.
لوكورنو هو ثالث رئيس وزراء يغادر منصبه منذ أن دعا ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة في صيف عام 2024. يبقى السؤال معلقاً هل فرنسا أمام فصل جديد في تاريخ الاستقالات المتكررة؟ أم ستنجح محاولات تخطي هذه المرحلة الحرجة المزدحمة بالتحديات السياسية والاقتصادية.