شهدت الأسواق الأمريكية أمس الجمعة انهياراً حاداً، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خسائر قياسية بلغت 1.5 تريليون دولار بنهاية اليوم، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ بإلغاء اجتماعه المرتقب مع نظيره الصيني شي جين بينغ، وتهديده بفرض “زيادة هائلة” في الرسوم الجمركية على بكين.
عودة الحرب التجارية تخيّم على الأسواق
لم تمض سوى 40 دقيقة فقط على تصريح الرئيس الأمريكي، حتى كان مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ قد خسر بالفعل نحو 1.2 تريليون دولار من قيمته السوقية، ليؤكد الانهيار المخاوف المتجددة من عودة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وتراجع مؤشر داو جونز بمقدار 879 نقطة، أي بنسبة 1.9%، وهبط مؤشر إس آند بي 500 الأوسع نطاقاً بنسبة 2.71%، بينما كان مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم شركات التكنولوجيا الكبرى، الأكثر تضرراً بتراجعه بنسبة 3.56%.
ترامب يتهم بكين بـ “الكذب” والتلاعب بـ “المعادن النادرة”
جاء قرار ترامب بإلغاء الاجتماع، الذي كان مقرراً بعد أسبوعين، مترافقاً مع اتهامات صريحة للصين بـ “الكذب” ومحاولة فرض ضوابط على تصدير المعادن الأرضية النادرة، متوعداً بفرض “رسوم غير مسبوقة”.
وتعد هذه المعادن أساسية لإنتاج الأسلحة والرقائق والذكاء الاصطناعي والنفوذ الاستراتيجي. وهي ذات أهمية بالغة بالنسبة للإدارة الأمريكية، التي تعتمد على الصين في الحصول على نحو 70% من احتياجاتها منها. وقد شكلت المعادن الأرضية النادرة عنصراً أساسياً في الاتفاقية التجارية الأولى الموقعة بين البلدين في 12 مايو.
غموض اقتصادي وسط ثورة الذكاء الاصطناعي
ورغم أن السوق ينهار على وقع تجدد التوترات التجارية، إلا أن وضع الأسهم الأمريكية يختلف اليوم عما كان عليه في أبريل 2025. إذ يشهد العالم تسارعاً غير مسبوق في ثورة الذكاء الاصطناعي، بينما تستثمر الشركات السبع الكبار أكثر من 100 مليار دولار في النفقات الرأسمالية ربع السنوية. وبات الذكاء الاصطناعي يمثل نحو 40% من الإنفاق الرأسمالي لمؤشر ستاندرد آند بورز 500.
على صعيد آخر، يزيد الغموض الاقتصادي في أمريكا بسبب استمرار عدم اليقين بشأن الاحتياطي الفيدرالي. والإغلاق الذي تشهده الحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى الانخفاض السريع في قيمة الدولار. الذي هبط بأكثر من 10% منذ بداية العام، ما يضعه على مسار أسوأ أداء سنوي له منذ عام 1973.
على الرغم من هذه الرياح المعاكسة والانهيار الأخير، لا تزال الأسهم الأمريكية تحظى بثقة المستثمرين. إذ ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 34% خلال ستة أشهر. وهي زيادة لم يشهدها المؤشر سوى عشر مرات سابقة فقط منذ عام 1930، ما يشير إلى أن المستثمرين. ينظرون إلى الصورة الأكبر، متجاوزين حالة عدم اليقين الآنية.